للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ}؛ أي: قوي لا يعجزه شيء عن انتقامه منكم، ولا يمنعه مانع عنكم، ولا يفوته ما يريده منكم {حَكِيمٌ} في صنعه لا ينتقم إلا بحق، أو حكيم فيما شرعه لكم من الدين.

٢١٠ - {هَلْ يَنْظُرُونَ}؛ أي: ما ينتظر هؤلاء التاركون الدخول في السلم والمتبعون خطوات الشيطان {إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} يوم القيامة بلا كيف ولا تشبيه، لفصل القضاء بين الأولين والأخرين {فِي ظُلَلٍ}؛ أي: في سحاب رقيق {مِنَ الْغَمَامِ}؛ أي: من السحاب الأبيض {و} إلا أن تأتيهم {الملائكة} الموكلون بتعذيبهم، وقيل: إن قوله: {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} فيه تقديم وتأخير بدليل ما في بعض القراءات شاذة: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام} قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية (١) يقول: والملائكة يجيئون في ظلل من الغمام، والله تعالى يجيىء فيما يشاء بدليل هذه القراءة.

وقال ابن كثير: وقد ذكر الإِمام أبو جعفر بن جرير ها هنا حديث الصوَر بطوله من أوله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو حديث مشهور ساقه غير واحد من أصحاب المسانيد وغيرهم، وفيه: "إن الناس إذا اهتموا لموقفهم في العرصات .. تشفعوا إلى ربهم بالأنبياء واحدًا واحدًا من آدم، فمن بعده، فكلهم يحيد عنها حتى ينتهوا إلى محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فإذا جاؤوا إليه قال: أنا لها أنا لها، فيذهب فيسجد لله تحت العرش، ويشفع عند الله في أن يأتي لفصل القضاء بين العباد، فيشفعه الله، ويأتي في ظلل من الغمام بعد ما تنشق السماء الدنيا، وينزل من فيها من الملائكة، ثم الثانية، ثم الثالثة إلى السابعة، وينزل حملة العرش والكروبيون (٢)، قال: وينزل الجبار عَزَّ وَجَلَّ في ظلل من الغمام والملائكة". الحديث.

قال ابن أبي حاتم، وحدثنا أبي قال: حدثنا محمَّد بن الوزير الدمشقي،


(١) ابن كثير.
(٢) الكروبيون: سادة الملائكة "لسان العرب".