- رضي الله عنه - أو عاصم بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه - فقتله، وطعن عليه السلام بيده الطاهرة الكاسرة أبيًا اللعين يوم أحد في المبارزة، فرجع إلى مكة، فمات في الطريق بسَرِف - بفتح السين المهملة وكسر الراء - وهو مناسب لوصفه, لأنه مسرف. قال في "إنسان العيون": ولم يقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده الشريفة قط أحدًا إلا أبي بن خلف، لا قبل ولا بعد.
حال كون ذلك الظالم {يَقُولُ}: حال من فاعل {يَعَضُّ}{يا} هؤلاء، فالمنادى محذوف، ويجوز أن تكون {يا} لمجرد التنبيه من غير قصد إلى تعيين المنبه؛ أي: يا قوم {لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ} في الدنيا {مَعَ الرَّسُولِ} محمد - صلى الله عليه وسلم - {سَبِيلًا}؛ أي: طريقًا إلى النجاة عن هذه الورطات؛ أي: صاحبته في اتخاذ سبيل الهدى؛ أي: واذكر يوم يعض المشرك بربه على يديه ندمًا وأسفًا على ما فرط في جنب الله، وعلى ما أعرض عنه من الحق الواضح الذي جاء به رسوله حالة كونه يقول: ليتني اتخذت مع الرسول طريقًا إلى النجاة، ولم تتشعب بي طرق الضلالة.
٢٨ - {يَا وَيْلَتَى}؛ أي: يا هلكتي تعالي واحضري لأتعجب منك، فهذا أوان حضورك، والنداء وإن كان أصله لمن يتأتى منه الإقبال؛ وهم العقلاء إلا أن العرب تتجوز وتنادي ما لا يعقل إظهارًا للتحسر {لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا} كأبي بن خلف {خَلِيلًا}؛ أي: صديقًا، من الخلة وهي المودة لأنها تتخلل النفس؛ أي: تتوسطها والمراد من أصله في الدنيا كائنًا من كان من شياطين الإنس والجن، فيدخل فيه أبي المذكور؛ أي: لم أتخذ فلانًا الذي أضلني وصرفني عن طريق الهدى خليلًا وصديقًا.
وهذا (١) دعاء على نفسه بالويل والثبور على مخاللة الكافر الذي أضلَّه في الدنيا. وفلان: كناية عن الأعلام. قال النيسابوري: زعم بعض أهل اللغة أنه لم يثبت استعمال فلان في الفصيح إلا حكاية، لا يقال: جاءني فلان، ولكن يقال: