للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المرفق، ثم ينبتان، ثم يأكلهما، وهكذا كلما نبتتا أكلهما تحسرا وندامة على التفريط والتقصير، فلا يزال كذلك كما قاله الضحاك وعطاء. فـ {عَلَى} زائدة على هذا التأويل، وهو يوم القيامة، والظاهر أن العض هنا حقيقة، ولا مانع من ذلك، ولا موجب لتأويله. وقيل: هو كناية عن الغيظ والحسرة؛ أي: فعض اليدين عبارة عن الندم لما جرى به عادة الناس أن يفعلوه عند ذلك، وكذا عض الأنامل، وأكل البنان، وحرق الأسنان، ونحوها كنايات عن الغيظ والحسرة لأنها من روادفها.

والمراد بالظالم: كل ظالم يرد ذلك المكان، وينزل ذلك المنزل، ولا ينافيه ورود الآية على سبب خاص، وهو عقبة بن أبي معيط بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف كما مر في الأسباب، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

وحاصل قصة عقبة بن أبي معيط: أنه كان لا يقدم من سفر إلا صنع طعامًا، وكان يدعو إلى الطعام من أهل مكة من أراد، وكان يكثر مجالسة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويعجبه حديثه، فقدم ذات يوم من سفره، وصنع طعامًا، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى طعامه، فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قدم الطعام إليه أبى أن يأكل، فقال: "ما أنا بالذي آكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله"، وكان عندهم من العار أن يخرج من عندهم أحد قبل أن يأكل شيئًا، فألح عليه بأن يأكل، فلم يأكل، فشهد بذلك عقبة، فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طعامه، وكان أبي بن خلف الجمحي غائبًا، وكان صديق عقبة، فلما قدم أخبر بما جرى بين عقبة وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه فقال: صبوت يا عقبة؛ أي: ملت عن دين آبائك إلى دين حادث؟ فقال: لا والله ما صبوت، ولكن دخل علي رجل، فأبى أن يأكل من طعامي إلا أن أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي قبل أن يطعم، فشهدت، فطعم، فقال: ما أنا بالذي أرضى منك أبدًا حتى تأتيه فتبزق في وجهه وتشتمه وتكذبه - نعوذ بالله تعالى - فأتاه، فوجده ساجدًا في دار الندوة، ففعل ذلك - والعياذ بالله تعالى - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعقبة: "لا ألقاك خارجًا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف" فأسر يوم بدر، فأمر عليه السلام عليًا