٢ - وقوله:{وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} يضاد قوله: {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٣٨)}، وقد مدح الحكماء مخالفة الهوى فقالوا إذا أردت الصواب .. فانظر هواك، فخالفه. وقال سهل: لا يسلم من الهوى إلا الأنبياء وبعض الصديقين.
٤٢ - {يَسْأَلُونَكَ} يا محمد {عَنِ السَّاعَةِ}؛ أي: القيامة {أَيَّانَ مُرْسَاهَا}؛ أي: إرساؤها؛ أي: إقامتها، يريدون: متى يقيمها الله تعالى ويثبتها ويكونها؟ فأيان (١): ظرف زمان بمعنى متى، وأصله، أي آن ووقت، والمرسى: مصدر بمعنى الإرساء وهو الإثبات، وهو مبتدأ، وأيان خبره بتقدمر المضاف إذ لا يخبر بالزمان عن الحدث، والتقدير: متى وقت إرسائها؟ كان المشركون يسمعون أخبار القيامة وأوصافها الهائلة، مثل: أنها طامة كبرى، وصاخة، وقارعة، فيقولون على سبيل الاستهزاء: أيان مرساها؟
والمعنى: يسألك أيها الرسول هؤلاء المكذبون بالبعث عن الساعة التي تبعث فيها الموتى من قبورهم، متى قيامها وظهورها.
٤٣ - وقوله: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣)} رد وانكار لسؤال المشركين عنها، وأصل {فِيمَ}: فيما، كما أن أصل {عَمَّ}: عما، وقد سبق. و {ذكرى}: مصدر بمعنى: الذكر، كالبشرى بمعنى البشارة؛ أي: في أي شيء أنت من أن تذكر لهم وقتها، وتعلمهم حتى يسألوك بيانها، كقوله تعالى:{يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا}؛ أي: ما أنت من ذكراها لهم، وتبيين وقتها في شيء؛ لأن ذلك فرع علمك به، وأنى لك ذلك، وهو مما استأثر به بعلمه علام الغيوب، فقوله:{مِنْ ذِكْرَاهَا} فيه حذف مضاف، وصلته محذوفة، وهي: لهم، والاستفهام للإنكار، و {أَنْتَ}: مبتدأ، و {فِيمَ} خبره قدم عليه، و {مِنْ ذِكْرَاهَا} متعلق بما تعلق به الخبر.