للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالذنوب اهـ. من "الخازن". وفي "الفتوحات": كرره؛ لأن الأول إخبارٌ عن عذاب لم يمكن الله أحدًا من فعله، وهو ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند نزع أرواحهم، والثاني إخبارٌ عن عذاب مكن الله الناس من فعل مثله، وهو الإهلاك والإغراق، وقيل: غير ذلك. انتهت.

وعبارة المراغي هنا: ولا تكرار؛ لأنَّ الدَّأب (١) الأول في بيان كفرهم بجحد ما قامت عليه أدلة الرسل من وحدانية الله ووجوب إفراده بالعبادة، وفي تعذيب الله إياهم في الآخرة، فهو دأبٌ وعادةٌ فيما يتعلَّق بحقه تعالى من حيث ذاته وصفاته، وفي الجزاء الدائم على الكفر به الذي يبتديء بالموت وينتهي بدخول النار.

والدَّأبُ الثاني: في تكذيبهم بآيات ربهم ونعمه، من حيث إنَّه هو المربي لهم، ويدخل في ذلك تكذيب الرسل وعنادهم وإيذاؤهم، وكفر النعم المتعلِّقة ببعثهم، وفي الجزاء على ذلك بتغيير حالهم وعذابهم في الدنيا.

وخلاصة ذلك: أنَّ ما دوَّنه التاريخ من دأب الأمم وعادتها في الكفر والتكذيب والظلم في الأرض ومن عقاب الله إياها .. جارٍ على سننه تعالى المطردة في الأمم، لا بسلب نعمة منهم، ولا بإيقاع أذىً بهم، وإنَّما عقابه لهم أثرٌ طبيعيٌّ لكفرهم وظلمهم لأنفسهم، وأما عذاب الاستئصال بعذاب سماوي .. فهو خاص بمن طلبوا الآيات من الرسل وأنذروهم العذاب إذا هم كفروا بها بعد مجيئها، ثم فعلوا ذلك.

٥٥ - {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ}؛ أي: إنَّ أقبح ما يدب على الأرض وأخسه {عِنْدَ اللَّهِ} سبحانه وتعالى؛ أي: في علمه وحكمه هم {الَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي: أصروا على الكفر ورسخوا فيهم {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}؛ أي: لا يرجى منهم إيمان،

٥٦ - وقوله: {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ} بدل (٢) من {الَّذِينَ كَفَرُوا} بدل البعض؛ للبيان والتخصيص، قيل: {من} صلةٌ، يعني: الذين عاهدتهم على ترك الحرب لك،


(١) المراغي.
(٢) الخازن.