للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا الأولاد فينصروهم وينقذوهم من العذاب إذا هو عاقبهم. فأولئك هم أهل النار، وهم خالدون فيها أبدًا.

١٨ - {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ} منصوب باذكر، {اللهُ} سبحانه {جَمِيعًا} حال من ضمير المفعول، بمعنى مجموعين. {فَيَحْلِفُونَ} في ذلك اليوم، وهو يوم القيامة {لَهُ}؛ أي: لله سبحانه وتعالى على أنهم مسلمون مخلصون، كما قالوا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}. {كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ} في الدنيا.

وهذا من شدة شقاوتهم ومزيد الطبع على قلوبهم (١)؛ فإن يوم القيامة قد انكشفت فيه الحقائق، وصارت الأمور معلومة بضرورة المشاهدة، فكيف يجترئون على أن يكذبوا في ذلك الموقف ويحلفون على الكذب؟

والمعنى: واذكر له - أيها الرسول - حالهم يوم يبعثهم الله جميعًا من قبورهم أحياء كهيئتهم قبل مماتهم، فيحلفون له قائلين: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} كما كانوا يحلفون لكم في الدنيا أنهم مؤمنون مثلكم. {وَيَحْسَبُونَ} في الآخرة {أَنَّهُمْ} بتلك الأيمان الكاذبة {عَلَى شَيْءٍ} من جلب منفعة أو دفع مضرّة، كما كانوا عليه في الدنيا؛ حيث كانوا يدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم، ويستجلبون بها فوائد دنيوية. {أَلَا}؛ أي: انتبهوا أيها المخاطبون، واعلموا {إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ}؛ أي: المبالغون في الكذب إلى غاية لا مطمح وراءها؛ حيث تجاسروا على الكذب بين يدي علام الغيوب، وزعموا أن أيمانهم الفاجرة تروج الكذب لديه كما تروجه عند الغافلين من المؤمنين. و {أَلَا}: حرف تنبيه، والمراد (٢): التنبيه على توغلهم في النفاق وتعودهم به؛ حيث لا ينفكون عنه موتًا ولا حياة. ولو ردوا .. لعادوا لما نهوا عنه، وإنهم لكاذبون.

والمعنى (٣): أي ويعتقدون أن ذلك نافع لهم، فيجلب لهم الخير ويدفع عنهم الضير، كما كان ذلك في شأنهم في الدنيا؛ إذ كانوا يدفعون بتلك الأيمان الفاجرة عن أرواحهم وأموالهم. ويحصلون على فوائد دنيوية أخرى، ثم أنكر عليهم أعمالهم فقال: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ} فيما يحلفون عليه زعمًا منهم أن أيمانهم


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.