للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصاب المفترين {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤)}.

٦٢ - ولما سمع السحرة كلام موسى .. هاجهم وغاظهم كلامه: {فَتَنَازَعُوا}؛ أي: تناظروا وتشاوروا {أَمْرَهُمْ} وعملهم الذى أريد منهم، من مغالبة موسى - عليه السلام - وتجاذبوا أطراف الكلام في كيفية المعارضة {بَيْنَهُمْ} وتفاوضوا ماذا يفعلون {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى}؛ أي: أخفوا المحادثة والمشاورة في ذلك عن موسى وأخيه هارون - عليهما السلام - لئلا يقفا عليه فيدافعاه؛ أي: وبالغوا (١) في كتمان ما يقولون عن موسى وأخيه، حتى لا يسمعا ما يدور بينهم من القول والمشاورة، فيعدا للأمر عدته، ويهيئا وسائل الدفاع، ومن الطبيعي في مثل هذه الأحوال أن يُخفى أحد المتخاصمين كل ما يدبره من وسائل الفوز والفلج عن خصمه الآخر، والنجوى: المناجاة، يكون اسمًا ومصدرًا،

٦٣ - ثم بيَّن سبحانه خلاصة ما استقرت عليه آراؤهم بعد التناظر والتشاور بقوله: {قَالُوا ...} إلخ وكانت (٢) نجواهم هي قولهم: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} وقيل: إنهم تناجوا فيما بينهم، فقالوا: إن كان ما جاء به موسى سحرًا .. فسنغلبه، وإن كان من عند الله .. فسيكون له أمر، وقيل: الذي أسروه أنه: إذا غلبهم .. اتبعوه، قاله الفراء والزجاج.

وقيل: الذي أسروه أنهم لما سمعوا قول موسى: {وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}: قالوا ما هذا بقول ساحر، وإن مخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين إن النافية، والمشار إليه موسى وهارون؛ أي: قالت السحرة بطريق التناجي والإسرار فيما بينهم: إن هذان لساحران؛ أي: إن هذا الرجل وأخاه ساحران خبيران بصناعة السحر، وهما {يُرِيدَانِ أَنْ} يغلباكم وقومكم و {يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} ودياركم؛ أي: من أرض مصر بالغلبة والاستيلاء عليها {بِسِحْرِهِمَا} الذي أظهراه من قبل {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} (٣) المثلى: تأنيث الأمثل، وهو الأشرف, أي: ويذهبا بمذهبكم الذي هو أفضل المذاهب وأحسنها، بإظهار مذهبما، وإعلاء دينهما، يريدون مما كان عليه قوم فرعون، لقوله: {إِنِّي أَخَافُ إِنْ


(١) المراغي.
(٢) الشوكانى.
(٣) روح البيان.