للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يُبَدِّلَ دِينَكُمْ} لا طريقة السحر؛ لأنهم ما يعتقدونها ديناً، قال في "بحر العلوم": سموا مذهبهم بها لزيادة سرورهم، وكمال فرحهم بذلك، وأنه الذي تطمئن به نفوسهم، كما قال تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} قال الإِمام الراغب: الطريق: السبيل الذي يطرق بالأرجل ويضرب. اهـ.

وقيل المعنى: ويذهبا بأشراف قومكم بميلهم إليهما لغلبتهما، وهم بنو إسرائيل، فإنهم ذوو مال وعلم، ذكره في "المراح".

وخلاصة ما قالوه (١): التنفير بهما لوجوه ثلاثة:

١ - الطعن في نبوتهما، ونسبتهما إلى السحر، وكل ذي طبع سليم ينفر من السحر، وليبغض السحرة، ويعلم أن السحر لا بقاء له، ولا ينبغى اتباع من جاء به، ولا اعتناق مذهبه وطريقته.

٢ - إن بغيتهما إخراجكم من أرضكم، ومفارقة الوطن شديدة الوطأة علي النفوس، ومن ثم قال فرعون: {أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى}.

٣ - إنهما يريدان أن يستوليا على جميع المناصب والرياسات، ولا يبقيا شيئًا من شؤون الدولة، ويريدان التصرف في أمورها العامة.

وإجمال هذا: أنهما إذا تم لهما الأمر أخرجاكم من دياركم، وتمحضت لهما الرياسة دونكم.

وقرأ أبو جعفر (٢)، والحسن، وشيبة، والأعمش، وطلحة، وحميد، وأيوب، وخلف في اختياره، وأبو عبيد، وأبو حاتم، وابن عيسى الأصبهاني، وابن جرير، وابن جبير الأنطاكي، والأخوان: حمزة، والكسائي والصاحبان: نافع، وابن عامر من السبعة: {إن} بتشديد النون {هَذَانِ} بألف ونون خفيفةٍ {لَسَاحِرَانِ} واختُلف في تخريج هذه القراءة، فقال القدماء من النحاة: إنه على حذف ضمير الشأن، والتقدير: إنه هذان لساحران، وخبر {إن} الجملة من قوله:


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.