ما يقولون، فإنّ التكرار يقتضي الإذعان واطمئنان النفس، وهم مع ذلك لا يعتبرون، ولا يتذكرون بما يرد عليهم من الآيات والنذر، بل {وَما يَزِيدُهُمْ} التذكير {إِلَّا نُفُورًا} وفرارًا، وهربًا من الحق، وبعدًا منه وإعراضًا عنه.
وقرأ الجمهور (١): {صرّفنا} بتشديد الراء، أي: لم نجعله نوعًا واحدًا، بل وعدًا، ووعيدًا، ومحكمًا، ومتشابهًا، وأمرًا، ونهيًا، وناسخًا، ومنسوخًا، وأخبارًا، وأمثالًا مثل تصريف الرياح وتقليبها من صبا، ودبور وجنوب، وشمال، ومفعول {صَرَّفْنا} على هذا المعنى محذوف، وهي هذه الأشياء أي: صرّفنا الأمثال، والعبر والحكم والأحكام والأعلام، وقرأ الحسن بتخفيف الراء. وقال صاحب «اللوامح»: هو بمعنى قراءة الجمهور. قال لأن فعل، وفعّل ربّما تعاقبا على معنى واحد، وقال ابن عطية على معنى صرفنا فيه الناس إلى الهدى بالدعاء إلى الله، وقرأ الجمهور {ليذَّكَّرُوا} بتشديد الذال والكاف المفتوحتين، أو {لِيَتَذَكَّروا} من التذكر، فأدغمت التاء في الذال، وقرأ الأخوان حمزة والكسائي، وطلحة، وابن وثاب، والأعمش، {ليذْكُروا} بسكون الذال وضم الكاف من الذكر، أو الذكر، أي ليتّعظوا، ويعتبروا.
٤٢ - ثم ردّ على هؤلاء الذين يشركون بربهم، ويتخذون الشفعاء والأنداد، وندّد عليهم، وسفّه أحلامهم فقال {قُلْ} أيها الرسول الكريم لهؤلاء المشركين الذين جعلوا مع الله إلها آخر لإظهار بطلان ما هم عليه من الشرك من جهة أخرى {لَوْ كانَ مَعَهُ} سبحانه وتعالى {آلِهَةٌ} أخرى {كَما يَقُولُونَ}؛ أي: كما يقول المشركون قاطبة، والكاف في محل النصب على أنّها صفة لمصدر محذوف، أي: كونًا مشابهًا بما يقولون، والمراد بالمشابهة الموافقة والمطابقة، وقرأ ابن كثير، وحفص {يَقُولُونَ} بالياء التحتية على الغيبة، وقرأ الباقون بالفوقية على الخطاب للقائلين بأنّ مع الله آلهة أخرى {إِذًا} حرف جواب وجزاء قال الزمخشري: {إِذًا} دالّة على أنّ ما بعدها، وهو {لَابْتَغَوْا} جواب لمقالة المشركين، وجزاء لـ {لَوْ} اهـ «سمين».