للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بقاء للباطل، ولا قرار له إذا ظهر نور الحق: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}.

قوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه، لما أبطل شبههم، ورد عليهم بما لم يبقَ بعده مستزاد لمستزيد .. هددهم بشديد العقاب إن هم أصروا على عنادهم واستكبارهم، ثم ذكر أنهم حين معاينة العذاب يقولون: آمنا بالرسول، وأنى لهم ذلك، وقد فات الأوان، وقد كان ذلك في مكنتهم في دار الدنيا لو أرادوا، أما الآن فإن ذلك لا يجديهم فتيلًا ولا قطميرًا من جراء ما كانوا فيه من شك مريب في الحياة الأولى، وتلك سنة الله في أشباههم من قبل.

التفسير وأوجه القراءة

٤٣ - {وَإِذَا تُتْلَى}؛ أي: وإذا قرئت بلسان رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. {عَلَيْهِمْ}؛ أي: على مشركي مكة. {آيَاتُنَا} القرآنية الناطقة بحقيقة التوحيد وبطلان الشرك حالة كونها، {بَيِّنَاتٍ}؛ أي: واضحات الدلالات، ظاهرات المعاني {قَالُوا}؛ أي: قال كفار مكة مشيرين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: {مَا هَذَا} التالي لها {إِلَّا رَجُلٌ} حقير لا يعبأ بكلامه، تنكيره للتهكم والتلهي، وإلا فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان علمًا مشهورًا بينهم. {يُرِيدُ} ويقصد {أَنْ يَصُدَّكُمْ} ويمنعكم ويصرفكم {عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ} وأسلافكم من الأصنام منذ أزمنة متطاولة، فيستتبعكم بما يستبدعه من غير أن يكون هناك دين إلهي، وإضافة (١) الآباء إلى المخاطبين لا إلى أنفسهم لتحريك عرق العصبية منهم مبالغةً في تقريرهم على الشرك، وتنفيرهم عن التوحيد.

والمعنى (٢): وإذا تتلى على المشركين آيات الكتاب الكريم دالة على التوحيد وبطلان الشرك .. قالوا: إن هذا الرجل يريد أن يلفتكم عن الدين الحق دين الآباء والأجداد، ليجعلكم من أتباعه دون أن يكون له حجة على ما يدَّعي، وبرهان يدل على صحة ما يسلك من سبيل، ثم زادوا إنكارهم توكيدًا، وأيأسوا الرسول من الطمع في إيمانهم {وَقَالُوا} ثانيًا: {مَا هَذَا} القرآن الذي يدعي محمد أنه وحي من


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.