الأكبر، وذلك قبل الإسلام بتسع مئة سنة، كساها الثياب الحبرة، وهي بوزن عنبة ضرب من برود اليمن، وفي رواية: وكسا بها الوصائل، وهي برود حمر، فيها خطوط خضر تعمل باليمن، وعن بعضم: أول من كسا الكعبة كسوةً كاملة، تبع كساها العصب وهي ضرب من البرود، وجعل لها بابًا يغلق، وقال في ذلك:
وكان تبع هذا مؤمنا بالاتفاق، وقومه كانوا كافرين، ولذلك ذمهم الله تعالى دونه، واختلف هل كان نبيًا أو ملكًا، فقال ابن عباس: كان تبع نبيًا وقال كعب: كان تبع ملكًا من الملوك، وكان قومه كهانًا، وأهل كتاب فأمر الفريقين أن يقرب كل منهما قربانًا ففعلوا، فتقبل قربان أهل الكتاب، فأسلم، وقالت عائشة رضي الله عنهما: لا تسبوا تبعًا فإنه كان رجلًا صالحًا، والله أعلم.
وفي "فتح الرحمن": فإن قلت: القوم كانوا ينكرون الحياة الثانية، فكان حقهم أن يقولوا: إن هي إلا حياتنا الأولى؟.
قلت: لما قيل لهم: إنكم تموتون موتةً يعقبها حياة كما تقدمتكم موتة، لذلك قالوا: إن هي إلا موتتنا الأولى؛ أي: ما الموتة التي من شأنها أن يعقبها الحياة إلا الموتة الأولى.
٣٨ - ثم أقام تعالى على قدرته القاهرة دليلًا، ليستدل بذلك على إمكان البعث، فقال:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا}؛ أي: وما بين جنس السماء والأرض من المخلوقات، قرأ الجمهور:{وَمَا بَيْنَهُمَا} نظرًا إلى الجنس، وقرأ عمرو بن عبيد {وما بينهن} نظرًا إلى مجموع السموات والأرض حالة كوننا {لَاعِبِينَ}؛ أي: عابثين من غير أن يكون لخلقهما غرض صحيح، وغاية حميدة، يقال: لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدًا صحيحًا. وفي "التعريفات": اللعب فعل الصبيان، يعقبه التعب من غير فائدة، وفي "فتح الرحمن": قاله هنا