للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأكبر، وذلك قبل الإسلام بتسع مئة سنة، كساها الثياب الحبرة، وهي بوزن عنبة ضرب من برود اليمن، وفي رواية: وكسا بها الوصائل، وهي برود حمر، فيها خطوط خضر تعمل باليمن، وعن بعضم: أول من كسا الكعبة كسوةً كاملة، تبع كساها العصب وهي ضرب من البرود، وجعل لها بابًا يغلق، وقال في ذلك:

وَكَسَوْنَا الْبَيْتَ الَّذِىْ حَرَّمَ اللَّـ ... ـهُ مَلاَءً مُعَصَّبًا وَبُرُوْدَا

وَأقَمْنَا بِهِ مِنَ الشَّهْرِ عَشْرًا ... وَجَعَلْنَا لِبَابِهِ إِقْلِيْدَا

وَخرَجْنَا مِنْهُ نَؤُمُّ سُهَيْلًا ... قَدْ رَفَعْنَا لِوَائَنَا مَعْقُوْدَا

وكان تبع هذا مؤمنا بالاتفاق، وقومه كانوا كافرين، ولذلك ذمهم الله تعالى دونه، واختلف هل كان نبيًا أو ملكًا، فقال ابن عباس: كان تبع نبيًا وقال كعب: كان تبع ملكًا من الملوك، وكان قومه كهانًا، وأهل كتاب فأمر الفريقين أن يقرب كل منهما قربانًا ففعلوا، فتقبل قربان أهل الكتاب، فأسلم، وقالت عائشة رضي الله عنهما: لا تسبوا تبعًا فإنه كان رجلًا صالحًا، والله أعلم.

وفي "فتح الرحمن": فإن قلت: القوم كانوا ينكرون الحياة الثانية، فكان حقهم أن يقولوا: إن هي إلا حياتنا الأولى؟.

قلت: لما قيل لهم: إنكم تموتون موتةً يعقبها حياة كما تقدمتكم موتة، لذلك قالوا: إن هي إلا موتتنا الأولى؛ أي: ما الموتة التي من شأنها أن يعقبها الحياة إلا الموتة الأولى.

٣٨ - ثم أقام تعالى على قدرته القاهرة دليلًا، ليستدل بذلك على إمكان البعث، فقال: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا}؛ أي: وما بين جنس السماء والأرض من المخلوقات، قرأ الجمهور: {وَمَا بَيْنَهُمَا} نظرًا إلى الجنس، وقرأ عمرو بن عبيد {وما بينهن} نظرًا إلى مجموع السموات والأرض حالة كوننا {لَاعِبِينَ}؛ أي: عابثين من غير أن يكون لخلقهما غرض صحيح، وغاية حميدة، يقال: لعب فلان إذا كان فعله غير قاصد به مقصدًا صحيحًا. وفي "التعريفات": اللعب فعل الصبيان، يعقبه التعب من غير فائدة، وفي "فتح الرحمن": قاله هنا