للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يأكل من بيت المال، وكان موسى، وشعيب، ومحمد رعاة، وكان أكثر عمله صلّى الله عليه وسلّم في البيت الخياطة، وفي الحديث: «عمل الأبرار من الرجال الخياطة وعمل الأبرار من النساء الغزل» كذا في «روضة الأخيار».

٣١ - وقال العلماء: الأسماء في قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ} تقتضي الاستغراق واقتران قوله {كُلَّها} يوجب الشمول، فكما علمه أسماء المخلوقات علّمه أسماء الحق تعالى، فإذا كان تخصيصه بمعرفة أسماء المخلوقات يقتضي أن يصح سجود الملائكة له، فما الظنّ بتخصيصه بمعرفة أسماء الحق، وما الذي يوجب له؟!

{ثُمَّ عَرَضَهُمْ}؛ أي: ثم عرض الله سبحانه وتعالى مسميات تلك الأسماء وأظهرها عَلَى الْمَلائِكَةِ وسألهم عن أسمائها تبكيتا لهم، وإظهارا لفضل آدم عليه السلام، وذكّر (١) الضمير في قوله: {عَرَضَهُمْ}؛ لأن في المسميات العقلاء فغلّبهم على غيرهم، والعرض: إظهار الشيء للغير ليعرف العارض منه حاله.

وفي الخبر: أنه عرضهم أمثال الذر، ولعله سبحانه وتعالى، عرض عليهم من أفراد كل نوع، ما يصلح أن يكون أنموذجا يتعرف منه أحوال البقية وأحكامها.

والحكمة في التعليم والعرض؛ تشريف آدم واصطفاؤه، وإظهار الأسرار والعلوم المكنونة في غيب علمه تعالى، على لسان من يشاء من عباده، وهو المعلّم المكرّم آدم الصفيّ، كيلا يحتجّ الملك وغيره عليه بعلمه ومعرفته، وذلك رحمة الله التي وسعت كل شيء. وثمّ (٢): حرف تراخ ومهلة؛ يعني: علّم آدم، ثم أمهله من ذلك الوقت إلى أن قال: أنبئهم بأسمائهم ليتقرّر ذلك في قلبه ويتحقق المعلوم؛ ثم أخبرهم عما تحقق به واستيقنه. وأما الملائكة، فقال لهم على وجه التعقيب من غير مهلة: نبئوني، فلما لم يتقدّم لهم تعريف، لم يخبروا، ولمّا تقدم لآدم التعليم، أجاب وأخبر ونطق؛ إظهارا لعنايته السابقة به سبحانه.


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.