للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ حمزة (١): {توفاه} بألف ممالة، وظاهره أنه فعل ماض كتوفته إلا أنه ذكر على معنى الجمع، ومن قرأ: {تَوَفَّتْهُ} أنث على معنى الجماعة. ويحتمل أن يكون مضارعًا، وأصله: تتوفاه، فحذفت إحدى التاءين على الخلاف في تعيين المحذوفة.

وقرأ الأعمش: {يتوفاه} بزيادة ياء المضارعة على التذكير.

{وَهُمْ}؛ أي: والحال أن هؤلاء الرسل {لَا يُفَرِّطُونَ}؛ أي: لا يقصرون فيما أمروا به من قبض روح الميت، ولا يؤخرونه طرفة عين. وقرأ الأعرج وعمرو بن عبيد: {لا يُفْرِطون} بالتخفيف؛ أي: لا يجاوزون الحد فيما أمروا به بزيادة أو نقصان.

٦٢ - وقوله: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ} معطوف على {تَوَفَّتْهُ}. وقرىء: {رِدوا} بكسر الراء بنقل حركة الدال المدغمة إلى الراء؛ أي: ثم بعد قبض الملائكة أرواحهم يرد أولئك الذين تتوفاهم الرسل بالبعث من القبور والحشر إلى موقف الحساب إلى حكم الله وقضائه وجزائه الذي هو {مَوْلَاهُمُ} ومالك أمورهم، الذي هو {الْحَقِّ} الذي لا يقضي إلا بالعدل ليحاسبهم ويجازيهم على أعمالهم. وفي الآية (٢) إيماء إلى أن ردهم إليه حتم؛ لأنه سيدهم الذي يتولى أمورهم، ويحكم بينهم بالحق وأما تولي بعض العباد أمورَ بعضٍ بملك الرقبه أو ملك التصرف والسياسة، فمنه ما هو باطل من كل وجه، ومنه ما هو باطل من حيث إنه موقوف لا ثبات له ولا بقاء، وحق من حيث إن مولاهم الحق أقره في سننه الاجتماعية أو شرائعه المنزلة لمصلحة العباد العارضة مدة حياتهم الدنيا، وقد زال كل ذلك بزوال عالم الدنيا، وبقي المولى الحق وحده.

فإن قلت: ما الحكمة في إفراد الضمير في قوله: {تَوَفَّتْهُ} العائد إلى {أَحَدَكُمُ} الذي هو بمعنى: البشر والخلق، وفي جمعه في قوله: {ثُمَّ رُدُّوا} بواو الجمع؟


(١) البحر المحيط.
(٢) المراغي.