٣١ - {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}: مناسبة الآية لما قبلها: لما ذكر الله سبحانه وتعالى جلال سلطانه، وعظيم كماله، ثم نهى المؤمنين عن موالاة أعدائه، وأكد ذلك بالوعيد الشديد .. ذكر هنا أن طريق محبته متابعة رسوله، وامتثال أوامره التي جاء بها، واجتناب ما نهى عنه، وبذلك يكون المرء أهلًا لمحبته، مستحقًا لغفران ذنوبه.
{قُلْ} لهم يا محمَّد {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ}؛ أي: تريدون محبة الله وطاعته، وترغبون في العمل بما يقرب إليه طلبًا للثواب فيما عنده {فَاتَّبِعُونِي}؛ أي: فاقتدوا بي بامتثال ما نزل به الوحي منه إليَّ {يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}؛ أي: يرضى الله عنكم أعمالكم ويثبكم عليها {وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}؛ أي؛ ويتجاوز لكم عما فرط منكم من الأعمال السيئة والاعتقادات الباطلة، فيقربكم من جنات عزِّه، ويبوئكم في جوار قدسه؛ إذ في هذا الاتباع اعتقاد الحق والعمل الصالح، وهما يزيلان من النفس آثار المعاصي والرذائل، ويمحوان منها ظلمة الباطل، وأثر ذلك: المغفرة ورضوان الله.
وهذا حجة على من يدعي محبة الله في كل زمان، وأعماله تكذب ما يقول؛ إذ كيف يجتمع الحب مع الجهل بالمحبوب، وعدم العناية بأوامره ونواهيه؟ فهو كما قال الورَّاق:
{وَاللَّهُ غَفُورٌ} لمن تحبب إليه بطاعته {رَحِيمٌ} بمن تقرب إليه باتباع نبيه في الدنيا والآخرة؛ إذ في هذا تزكية للنفس بصالح العمل، فيغفر لها ما فرط من زلاتها، ويتجاوز عن سيئاتها.
فائدة: والمحبة (١) ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه، بحيث يحملها على ما يقربها - أي: النفس - إليه، والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلا