للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهما لغتان.

قال الراغب: (١) وقد جاء: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} بدون {قُلْ} وجاء هنا مع {قُلْ}، فبدون {قُلْ}: هو استدعاء منه تعالى لهم إلى الحق، فجعل خطابهم منه استلانة للقوم؛ ليكونوا أقرب إلى الانقياد، ولما قصد الغض عنهم .. ذكر {قل} تنبيهًا على أنهم غير مستأهلين أن يخاطبهم بنفسه، وإن كان كلا الخطابين. وصل إليهم على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -. انتهى.

{وَمَا اللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِغَافِلٍ} أي بساه {عَمَّا تَعْمَلُونَ} من هذا الصد وغيره من الأعمال، فمجازيكم عليه، ولا يخفى ما في هذا من التهديد والوعيد الشديد كما يقول الرجل لعبده، وقد أنكر عليه اعوجاج أخلاقه: لا يخفى علي ما أنت عليه، وما أنا بغافل عن أمرك.

إنما ختم هذه الآية بنفي الغفلة؛ لأن صدهم عن الإسلام. كان بضرب من المكر، والكيد، ووجوه الحيل، وختم الآية السابقة بقوله: {وَاللَّهُ شَهِيدٌ} لأن العمل الذي فيها، وهو الكفر ظاهر مشهود.

١٠٠ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠)}.

مناسبة (٢) هذه الآية لما قبلها: لما أنكر تعالى عليهم صدهم عن الإسلام المؤمنين .. حذر المؤمنين من إغواء الكفار وإضلالهم، وناداهم بوصف الإيمان تنبيهًا على تباين ما بينهم وبين الكفار، ولم يأت بلفظ {قل} ليكون ذلك خطابًا منه تعالى لهم، وتأنيسًا لهم، وأبرز نهيه عن موافقتهم، وطواعيتهم في صورة شرطية؛ لأنه لم يقع طاعتهم لم، والإشارة بـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: إلى الأوس والخزرج بقرينة سبب النزول كما مر.

والمعنى: يا أيها الذين صدقوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - إن تطيعوا، وتوافقوا فريقًا،


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.