زيد بن علي، وعبيد بن عمير، {أَيُّكُمْ} بالنصب على الاشتغال، والنصب فيه عند الأخفش أفصح، كما هو بعد أداة الاستفهام نحو: أزيدًا ضربته؛ أي: وإذا أنزل الله تعالى على رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، سورة من سور كتابه الكريم، فمن المنافقين من يقول لإخوانه، على سبيل الاستهزاء والسخرية هذه المقالة، ليثبتوا علي النفاق، أو يقول لمن يلقاه من المؤمنين مشككًا لهم، {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا}؛ أي: من الذي زادته هذه السورة يقينًا بحقية القرآن والإِسلام وصدق الرسول محمَّد، - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: أيكم زادته تصديقًا جازمًا مقترنًا بإذعان النفس، وخضوعًا وأشعرته بلزوم العمل بها لتيقنه بصدق الرسول الذي أنزلت عليه.
والإيمان على هذا النحو يزيد بنزول القرآن في عهد الرسول، - صلى الله عليه وسلم - ولا سيما من يحضر نزوله ويسمعه منه، وكذا يزيد بسماعه من غيره في قلب المؤمن قوة إذعان، ورغبة في العمل والقرب من الله تعالى قال تعالى مجيبًا عن هذا السؤال مبينًا حالهم وحال المؤمنين:{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله تعالى، وبما جاء من عنده، {فَزَادَتْهُمْ} هذه السورة {إِيمَانًا} بانضمام إيمانهم، بما فيها بإيمانهم السابق؛ لأنهم يقرون عند نزولها بأنها حق من عند الله تعالى، {وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}؛ أي: يفرحون بنزولها لما فيها من المنافع الدينية والدنيوية.
أي: فأما المؤمنون فيزيدهم نزول القرآن زيادة اليقين، واطمئنان القلب، ويزيدهم قوة في العمل به، والتقرب إلى ربهم وهم يستبشرون بنزولها لما يرجون من خير هذه الزيادة بتزكية أنفسهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن الإيمان يبدو لمعة بيضاء في القلب، وكلما ازداد الإيمان عظمًا ازداد ذلك البياض حتى يبيض القلب كله، وإن النِّفاق يبدو لمعة سوداء في القلب، وكلما ازداد النفاق ازداد السواد حتى يسود القلب كله، وايم الله لو شققتم عن قلب مؤمن لوجدتموه أبيض ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود، اهـ "خازن".