وقرأ أبو عمرو وحفص وعياش ويعقوب وسهل (١): {يبغون} بالياء على الغيبة، وقرأ الباقون {تبغون} بالتاء على الخطاب، فالياء على نسق {هُمُ الْفَاسِقُونَ}، والتاء على الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، وقرأ الأعمش شاذًا:(كُرهًا): بضم الكاف والجمهور بفتحها.
وقرأ حفص وعياش ويعقوب وسهل {يرجعون} بالياء على الغيبة، فيحتمل أن يكون عائدًا على {من أسلم}، ويحتمل أن يكون عائدًا على ضمير {يَبْغُونَ}، فيكون على سبيل الالتفات على قراءة من قرأ:{تبغون} بالتاء، إذ يكون قد انتقل من خطاب إلى غيبة، وقرأ الباقون بالتاء، فإن كان الضمير عائدًا على {من أسلم} .. كان التفاتًا، أو على ضمير {تبغون} كان التفاتًا على قراءة من قرأ: {يَبْغُونَ} بالياء، إذ يكون قد انتقل من غيبة إلى خطاب.
ولمَّا ذكر الله تعالى في الآية المتقدمة، أنَّه إنَّما أخذ الميثاق على الأنبياء في تصديق الرسول الذي يأتي مصدقًا لما معهم .. بين الله تعالى من صفة محمد - صلى الله عليه وسلم -، كونه مصدقًا لما معهم فقال تعالى:
٨٤ - {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ} وإنَّما وحد الضمير في قوله: {قُلْ} وجمع في قوله: {آمَنَّا بِاللَّهِ} إشعارًا بأنَّه لا يبلغ هذا التكليف من الله تعالى إلى الخلق إلا هو، فلذلك وحد الفعل في قوله:{قُلْ} وتنبيهًا على أنه وافقه حين قال هذا القول أصحابه فلذا حسنًا الجمع في قوله: {آمَنَّا}.
ومعنى الآية: قل يا محمد {ءَآمَنَّا}؛ أي: صدقت أنا ومن معي {بِاللَّهِ}؛ أي: بوجود الله ووحدانيته، وتصرفه في الأكوان كلها، وأنَّه ربنا وإلهنا، لا إله لنا غيره، ولا رب سواه، والمراد؛ آمنا بالله وحده، لا كما آمن أهل الكتاب به على وجه التثليث؛ وإنَّما قدم الإيمان بالله على غيره لأنَّه الأصل {و} قل يا محمد