للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بحرية، وابن أبي عبلة، ورويس كذلك إلا أنهم ضموا الجيم. قال ابن عباس وابن جبير: الجمالات قلوص السفن، وهي حبالها العظام إذا اجتمعت مستديرة بعضها إلى بعض، جاء منها أجرام عظام. وقال ابن عباس أيضًا: الجمالات: قطع النحاس الكبار، وكأن اشتقاق هذه من اسم الجملة. وقرأ الحسن {صفر} بضمّ الفاء، والجمهور بإسكانها. قال الواحدي (١): والصفر معناها في قول المفسرين قال الفرّاء: الصفر: سواد الإبل لا يرى أسود من الإبل إلا وهو مشرب صفرةً، ولذلك سمت العرب سود الإبل صفرًا، قيل: والشرر إذا تطاير وسقط وفيه بقية من لون النار أشبه شيء بالإبل السود، ومنه قول الشاعر:

تِلْكَ خيْلِيْ وَتلْكَ رِكَابِيْ ... هُنَّ صُفْرٌ أَوْلَادُهَا كَالزَّبِيْبِ

أي: هن سود. هذا القول بعيد عند أهل اللغة والعجب لمن قال بهذا القول، وقد قال تعالى: {جمالات صفر}.

٣٤ - {وَيْلٌ}؛ أي: خزي عظيم {يَوْمَئِذٍ}؛ أي: يوم إذ وقعت المجازاة بتلك النار {لِلْمُكَذِّبِينَ} بهذا اليوم الذي لا يجدون فيه لدفع العذاب عنهم محيصًا.

٣٥ - ثم وصف اليوم الذي فيه العذاب، فقال: {هَذَا} إشارة إلى وقت دخولهم النار. و {يَوْمُ} مرفوع عى أنه خبر {هَذَا}؛ أي: هذا يوم {لَا يَنْطِقُونَ} فيه بشيء، لما (٢) أن السؤال والجواب والحساب قد إنقضت قبل ذلك، وأيضًا يوم القيامة يوم طويل له مواطن ومواقيت ينطقون في وقت دون وقت. فعبر عن كل وقت بيوم. أو لا ينطقون بشيء ينفعهم، فإن ذلك كلا نطق. قال الفاشاني: لا ينطقون لفقدان آلات النطق وعدم الإذن فيه بالختم على الأفواه. وقال بعضهم: لا ينطقون لشدّة تحيرهم وقوة دهشتهم. وقال أبو عثمان رحمه الله: أسكتهم هيبة الربوبية، وحياء الذنوب.

وقرأ الجمهور (٣) برفع {يَوْمُ} على أنه خبر لاسم الإشارة. وقرأ الأعمش، والأعرج، وزيد بن علي، وعيسى، وأبو حيوة، وعاصم في رواية بفتحه على البناء لإضافته إلى الفعل، ومحله الرفع على الخبرية، والجملة المصدرة بمضارع مثبت أو


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.