وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إذا سيقوا إلى الجنة فإذا انتهوا إليها .. وجدوا عند بابها شجرة، يخرج من تحتها عينان، فيغتسل المؤمن من أحدهما فيطهر ظاهره، ويشرب من الأخرى فيطهر باطنه، وتتلقاهم الملائكة على أبواب الجنة، يقولون:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}.
٧٤ - {وَقَالُوا}؛ أي: وقال المؤمنون إذا عاينوا ذلك النعيم المقيم، والعطاء العظيم في الجنة:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} بالبعث والثواب بالجنة؛ أي: صدقنا وأعطانا ما وعدنا به على ألسنة رسله الكرام، كما دعوا بذلك في الدنيا، وقالوا:{رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وقالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}{وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ} معطوف على الصلة؛ أي (١): أورثنا وأعطانا أرض الجنة، يريدون المكان الذي استقروا فيه من أرض الجنة، على الاستعارة، وإيراثها: إعطاؤها وتمليكها، مخلفةً عليهم من أعمالهم، أو تمكينهم من التصرف فيما فيها تمكين الوارث فيما يرثه، كأنها صارت من غيرهم إليهم، فملكوها وتصرفوا فيها، وقيل: إنهم ورثوا الأرض التي كانت لأهل النار، لو كانوا مؤمنين، قاله أكثر المفسرين، وقيل: إنها أرض الدنيا، وعلى هذا: ففي الكلام تقديم وتأخير، وقيل: أورثنا من آدم؛ لأنها كانت في أول الأمر له لقوله تعالى:{وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} فلما عادت إلى أولاده .. كان ذلك إرثًا لهم منه. اهـ شيخنا. حالة كوننا {نَتَبَوَّأُ} ونتخذ {مِنَ الْجَنَّةِ} منازل {حَيْثُ نَشَاءُ}؛ أي: يتبوأ كل واحد منا في أي مكان أراده من جنته الواسعة، لا من جنة غيره، على أن فيها مقاماتٍ معنوية، لا يتمانع واردوها، كما قال في "التفسير الكبير": قال حكماء الإِسلام: الجنة نوعان: جسمانية، وروحانية، فالجنات الجسمانية: لا تحتمل المشاركة، وأما الروحانية: فحصولها لواحد لا يمنع حصولها لآخر، انتهى.
وقيل: معنى {حَيْثُ نَشَاءُ} أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يدخلون الجنة قبل الأمم،