للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمعنى (١): أي إلينا المصير في ذلك اليوم الذي تتصدّع فيه الأرض، فتخرج الموتى من صدوعها مسرعة، وذلك جمع هيّن علينا لا عسر فيه ولا مشقّة.

٤٥ - ثم سلّى رسوله، وهدّد المشركين بقوله: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ}؛ أي: بما يقول المشركون من فريتهم على ربهم، وتكذيبهم بآياته، وإنكارهم قدرته على البعث بعد الموت، وغير ذلك مما لا خير فيه، ففيه تسلية له - صلى الله عليه وسلم - وتهديد لهم. {وَمَا أَنْتَ} يا محمد {عَلَيْهِمْ}؛ أي: على المشركين {بِجَبَّارٍ}؛ أي: بمسلط عليهم تجبرهم، وتقسرهم على الإيمان، أو تفعل بهم ما تريد، وإنما أنت مذكر، وهذا كقوله: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) أي: لست بمتسلّط عليهم تجبرهم على ما تريد، والآية منسوخة بآية السيف (٢).

{فَذَكِّرْ} وعظ {بِالْقُرْآنِ}؛ أي: بمواعظه {مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ}؛ أي: من يخاف وعيدي لعصاتي بالعذاب؛ لأنَّ من لا يخاف الوعيد لكونه غير مصدق بوقوعه لا يذكر، إذ لا تنفع فيه الذكرى، كما قال: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥)}. وختمت السورة بقوله: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} كما افتتحت بـ {ق وَالْقُرْآنِ} فحصلت المناسبة بين المبتدأ والمختتم.

وقرأ ورش (٣): بإثبات الياء بعد الدال في الوصل.

والمعنى: أي وما أنت بمسلط عليهم تقسرهم على الإيمان، وتسيرهم طى ما تهوى وتريد، إنما أنت نذير، وما عليك إلا التبليغ، وعلينا الحساب، ثم أكد أنه مذكر لا مسيطر، وأن التذكير لا ينفع إلا من خشي ربه، فقال: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ ...} إلخ؛ أي (٤): فذكر أيها الرسول بهذا القرآن الذي أنزلته عليك من يخاف وعيدي، الذي أوعدته من عصاني، وخالف أمري؛ أي: بلّغ رسالة ربّك،


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.
(٣) المراح.
(٤) المراغي.