وصحةٍ وسلامة، وفي أموالكم من نماءٍ وزيادةٍ {فَمِنَ اللَّهِ}؛ أي: فالله هو المنعم بها عليكم، والمتفضل بها لا سواه، فبيده الخير، وهو على كل شيء قدير، فيجب عليكم أن تشكروه على هذه النعم المتواصلة، وإحسانه الدائم الذي لا ينقطع، ولقد أجاد من قال:
{ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ}؛ أي: ثم إذا أصابكم في أبدانكم سقم ومرض، أو حاجة عارضة أو شدة وجهد في العيش ووسائل الحياة. {فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}؛ أي: فإليه تصرخون بالدعاء، وتستغيثون به ليكشف ذلك عنكم، علمًا منكم أنه لا يقدر على إزالة ذلك إلا هو،
٥٤ - {ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ}؛ أي: ثم إذا وهب لكم ربكم العافية، ورفع عنكم ما أصابكم من مرض في أبدانكم، أو شدةٍ في معاشكم بتفريج البلاء عنكم .. إذا جماعة منكم يجعلون لله شريكًا في العبادة، فيعبدون الأوثان، ويذبحون لها الذبائح شكرًا لغير من أنعم بالفرج وأزال من الضر.
٥٥ - {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ}؛ أي: قيضنا لهم ذلك لتكون عاقبة أمرهم أن يجحدوا نعم الله عليهم، وأنه هو المسدي لها، وأنه هو الكاشف للنقم عنهم، وقد فعلوا ذلك لسوء استعدادهم وخبث طويتهم، وبما ران على قلوبهم من الكفر والعصيان، فجحدوا فضل الملك الديان، وإحسان صاحب الطول والإحسان، ثم توعدهم على سوء صنيعهم، وأبان لهم عاقبة أمرهم فقال:{فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}؛ أي: فتمتعوا في هذه الحياة الدنيا إلى أن توافيكم آجالكم، وتبلغوا الميقات الذي وقت لحياتكم وتمتعكم فيها، وبعدئذٍ ستصيرون إلى ربكم فتعلمون عند لقائه وبال ما كسبت أيديكم، وسوء مغبة أعمالكم، وتندمون حين لا ينفع الندم.
وقرأ أبو العالية (١): {فَيُمْتَعُوا} بالياء من تحت مضمومة مبنيًّا للمفعول