للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{ساحِرٍ} وفي الشعراء أجمعوا على {سَحَّارٍ} لتناسب {سَحَّارٍ عَلِيمٍ} لكونهما من ألفاظ المبالغة، ولما كان قد تقدم {إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ} .. ناسب هنا أن يقابل بقوله:

١١٢ - {بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ}.

فذلكة في السحر وضروبه: السحر (١) أعمال غريبة وحيل تخفى حقيقتها على جماهير الناس لجهلهم لأسبابها، وقد كان فنا من الفنون التي يتعلمها قدماء المصريين في مدارسهم الجامعة مع كثير من العلوم الكونية، واقتفى أثرهم في ذلك البابليون، والهنود، وغيرهم، ولا يزال يؤثر عن الوثنيين من الهنود أعمال غريبة مدهشة من السحر، اهتم بعض الإنجليز وغيرهم بالبحث عن حقيقة أمرها، فعرفوا بعضا وجهلوا تعليل الأكثر.

وهو لا يروج إلا بين الجاهلين، وله مكانة عظيمة في القبائل الهمجية، والبلاد ذات الحضارة تسميه بالشعوذة - الاحتيال والدجل - وهو أنواع ثلاثة:

١ - ما يعمل بأسباب طبيعية من خواص المادة، معروفة للساحر، مجهولة عند من يسحرهم بها، كالزئبق الذي قيل إن سحرة فرعون وضعوه في حبالهم وعصيهم، كما سنذكره بعد، ولو ادعى علماء الطبيعة والكيمياء في هذا العصر السحر في أواسط أفريقيا وغيرها من البلاد التي يروج فيها السحر .. لأروهم العجب العجاب من غرائب الكهرباء وغيرها، حتى لو ادعوا فيهم الألوهية ..

لخضعوا لهم، فضلا عن النبوة والولاية.

٢ - الشعوذة التي ملاك أمرها خفة اليدين في إخفاء بعض الأشياء وإظهار بعض، وإراءة بعضها بغير صورها، وغير ذلك مما هو

معروف في هذه البلاد وغيرها من البلاد المتمدنة.

٣ - ما يكون مداره على تأثير الأنفس ذات الإرادة القوية، في الأنفس الضعيفة، القابلة للأوهام والانفعالات التي يسميها علماء النفس: بالأنفس الهستيرية، وأصحاب هذا النوع يستعينون على أعمالهم بأرواح الشياطين، ومنهم


(١) المراغي.