للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وموافقة، أو (١) بما يتعارفه الناس من أجر المرضعات من دون مماطلة لهن، أو حط بعض ما هو لهن من ذلك، فإن عدم توفير أجرهن يبعثهن عن التساهل بأمر الصبي، والتفريط في شأنه، فليس تسليم الأجرة شرطًا لصحة الإجارة، بل لتكون المرضعة طيبة النفس راضية، فيصير ذلك سببًا لصلاح حال الصبي، وللاحتياط في مصالحه.

وقرأ ابن كثير وحده في المتواتر: {ما أتيتم} مقصورة الألف؛ أي: ما أتيتم وفعلتم به؛ أي: ما أردتم إتيانه وفعله، ومنه قول زهير:

وَمَا كَانَ مِنْ خَيْرٍ أَتَوْهُ فَإِنَّمَا ... تَوَارَثَهُ آبَاءُ آبَائِهِمْ قَبْلُ

وقيل المعنى: إذا سلمتم إلى أمهاتهم من أجرة الرضاع بقدر ما أرضعن لكم إلى وقت إرادة الاسترضاع، وروى شيبان عن عاصم: {ما أوتيتم} مبنيا للمفعول؛ أي: ما آتاكم الله وأقدركم عليه من الأجرة ونحوها. {وَاتَّقُوا اللَّهَ}؛ أي: خافوا الله فيما فرض عليكم من الحقوق، وفيما أوجب عليكم لأولادكم {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} لا تخفى عليه خافية من جميع أعمالكم سرها وعلانيتها، فإنه تعالى يراها ويعلمها، فيجازيكم عليها، ولما تقدم (٢) أمر ونهي .. أمر بتقوى الله تعالى، ولما كان كثير من أحكام هذه الآية متعلقًا بأمر الأطفال الذين لا قدرة لهم، ولا منعة مما يفعل بهم .. حذر وهدى بقوله: {وَاعْلَمُوا}، وأتى بالصفة التي هي {بَصِيرٌ} مبالغة في الإحاطة بما يفعلونه معهم والاطلاع عليه.

٢٣٤ - {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} قرأ الجمهور بضم الياء مبنيًّا للمفعول؛ أي: يتوفاهم الله ويموتون، وقرأ علي، والمفضل عن عاصم: {يَتوفون} بفتح الياء مبنيًّا للفاعل؛ أي: يستوفون آجالهم، وهو مبتدأ، ولكنه على حذف مضاف؛ ليصح الإخبار عنه بما بعده؛ أي: وأزواج الذين يموتون من رجالكم {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا}؛


(١) الشوكاني.
(٢) البحر المحيط.