في ماله، وإن لم يكن له مال .. أجبرت أمه على الرضاعة، ولا يجبر على نفقة الصبي إلا الوالدان؛ وهو قول مالك والشافعي، وقيل: المراد من الوارث الباقي من الأبوين أخذًا من قوله: "اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا واجعلهما الوارث منا".
وقيل (١): المراد بالوارث وارث الصبي الذي لو مات الصبي ورثه؛ أي: فعلى هذا الوارث مثل ما كان على أب الصبي في حال حياته، واختلف في أي وارث هو؟ فقيل: هم عصبة الصبي كالجد والأخ والعم وابنه، وقيل: هو كل وارث له من الرجال والنساء، وبه قال أحمد، فيجبرون على نفقة الصبي كل على قدر سهمه منه، وقيل: هو من كان ذا رحم محرم منه، وبه قال أبو حنيفة لقراءة ابن مسعود رضي الله عنه {وعلى الوارث ذي الرحم المحرم مثل ذلك}.
{فَإِنْ أَرَادَا}؛ أي: الوالدان، وقرىء شذوذًا:{فإن أراد} بلا ألف، {فِصَالًا}؛ أي: فطامًا للولد عن اللبن قبل تمام الحولين صادرًا {عَنْ تَرَاضٍ} واتفاق {مِنْهُمَا} لا من أحدههما فقط {وَتَشَاوُرٍ}؛ أي: مشاورة بينهما؛ أي: تدقيق النظر فيما يصلح للولد؛ أي: يشاوران أهل العلم في ذلك حتى يخبروا أن الفطام قبل الحولين لا يضر بالولد، والمشاورة استخراج الرأي بما فيه مصلحة {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا}؛ أي: فلا حرج ولا إثم على الوالدين في الفطام قبل الحولين إذا لم يضر بالولد، وكما يجوز النقص عن الحولين عند اتفاق الأبوين عليه، كذلك تجوز الزيادة عليهما باتفاقهما {وَإِنْ أَرَدْتُمْ} أيها الآباء {أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ}؛ أي: أن تطلبوا لأولادكم مراضع غير أمهاتهم إذا أبت أمهاتهم إرضاعهم، أو تعذر ذلك لعلة بهن من انقطاع لبن، أو غير ذلك أو أردن التزويج {فَلَا جُنَاحَ} ولا حرج ولا إثم {عَلَيْكُمْ} في ذلك الاسترضاع {إِذَا سَلَّمْتُمْ} إلى المراضع المستأجرات {مَا آتَيْتُمْ} بالمد على قراءة الجمهور؛ أي: ما أعطيتم؛ أي: سلمتم إليهن ما أردتم إيتاءه وإعطاءه لهن من الأجرة {بِالْمَعْرُوفِ}؛ أي: بطيب نفس وسرور