للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سيئة يعاتب عليها، والتي في آل عمران خطاب للمؤمنين اهـ "شهاب".

٥١ - ثُمَّ لما قالوا هذا القول .. أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يجيب عليهم بقوله: {قُل} يا محمد لهؤلاء المنافقين، الذين يفرحون بمصائبك ويحزنون بمسارك بيانًا، لبطلان اعتقادهم {لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}؛ أي: إلا ما خط لنا، وكتب علينا في اللوح المحفوظ، بحسبه سننه تعالى في خلقه، من نصر وغنيمة، أو تمحيص وشهادة، ولا يتغير ذلك بموافقتكم أو مخالفتكم، فالأمور كلها بقضائه تعالى.

والمعنى: لن يصيبنا، ولن يحصل لنا خيرٌ ولا رخاء، ولا أمن، ولن يقع علينا شر ولا شدة ولا خوف، إلا وهو مقدر لنا، مكتوب علينا عند الله سبحانه وتعالى، فإذا صرنا مغلوبين صرنا مستحقين للأجر العظيم، وإن صرنا غالبين صرنا مستحقين للثواب في الآخرة، وفزنا بالمال الكثير والثناء الجميل في الدنيا {هُوَ} سبحانه وتعالى {مَوْلَانَا}؛ أي: ناصرنا ومتولي أمورنا بتوفيقنا ونصرنا، وجاعل العاقبة لنا، ومظهر دينه على جميع الأديان {وَعَلَى اللَّهِ} سبحانه وتعالى، لا على غيره {فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}؛ أي: فليعتمد المؤمنون، وليتقوا به؛ أي: فنحق نتوكل عليه ونلتجأ إليه، فلا نيأس عند شدة ولا نبطر عند نعمةٍ.

ومن حق (١) المتوكل على الله وحده أن يقوم بما أوجبه عليه في شرعه، ويهتدي بسننه في خلقه، عن الأخذ بأسباب النصر المادّية والمعنوية، كإعداد العدة، وإتقاء التنازع الذي يولد الفشل ويفرق الكلمة، ثم بعد ذلك يكل الأمر إلى الله فيما لا تصل إليه الأيدي من الأسباب ويتوقف عليه حصول النجاح.

ويقابل التوكل بهذا المعنى إتكال الماديين على حولهم وقوتهم وحدها، حتى إذا أدركهم العجز خانهم الصبر، وأدركهم اليأس، حين حلول البأس واتكال ذوي الأوهام الذين يتعلقون بالأماني والأحكام حتى إذا ما استبان لهم فساد أوهامهم .. نكصوا على أعقابهم، وكفروا بوعد ربهم بنصر المؤمنين، وهو إنما


(١) أبو السعود.