فيشرئبون وينظرون، فيقول: هل تعرفون هذا؛ فيقولون: نعم، هذا الموت وكلّهم قد رآه، فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت" ثم قرأ {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٣٩)}، زاد الترمذي: "ولو أنّ أحدًا مات فرحًا .. لمات أهل النار".
ولو أن أحدًا مات حزنًا .. لمات أهل النار".
٤٠ - ثم سلَّى رسوله وتوعد المشركين فقال:{إِنَّا نَحْنُ}. تأكيد للضمير في {إِنَّا} لأنه بمعناه، فإن قيل: ما الفائدة في {نَحْنُ} وقد كفت عنها {إِنَّا} .. فالجواب: أنه لما جاز في قول المعظم {إِنَّا} نفعل أن يوهم أن أتباعه فعلوا .. أبانت (نحن) بأنّ الفعل مضاف إليه حقيقةً، ذكر الجواب عنه ابن الأنباري، ذكره ابن الجوزي {نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا}؛ أي: نميت سكان الأرض جميعًا، فلا يبقى بها أحد يرث الأموات، فكأنه سبحانه ورث الأرض ومن عليها حيث أماتهم جميعًا، فإن قيل: فلم قال {وَمَنْ عَلَيْهَا} وهو يرث الآدميين وغيرهم .. فالجواب أن {مَنْ} تختص أهل التمييز، وغير المميزين يدخلون في معنى الأرض، ويجرون مجراها، ذكر الجواب عن هذا السؤال لابن الأنباري أيضًا.
{وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ}؛ أي: يردون إلينا يوم القيامة، لا إلى غيرنا، فنجازي كلاً بعمله.
والمعنى: أي لا يحزنك أيها الرسول تكذيب المشركين لك فيما أتيتهم به من الحق، فإن إلينا مرجعهم ومصيرهم ومصير الخلق أجمعين، ونحن وارثو الأرض ومن عليها من الناس بعد فنائهم، ثم نجازي كلّ نفسٍ بما عملت حينئذٍ، فنجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} وقرأ الجمهور (١): {يُرْجَعُونَ} بالياء من تحت مبنيًا للمفعول، والأعرج: بالتاء من فوق، وقرأ السلميّ، وابن أبي إسحاق، وعيسى: بالياء من تحت مبنيًا للفاعل، وحكى الدانيّ عنهم بالتاء.