للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عند نزول الآية شيء من المكانة والقوة والعلم والمعرفة.

وجعل بعضهم الرد على الأدبار حسيًّا؛ فقال: نردهم على أدبارهم بالجلاء إلى فلسطين والشام، وهي بلادهم التي جاءوا منها.

وخلاصة المعنى: آمنوا قبل أن نعمي عليكم السبيل، بما نبصِّر المؤمنين شؤونكم، ونغريهم عليكم، فتردوا على أدباركم بأن يكون سعيكم إلى ما ليس بخير لكم.

وقوله: {أَوْ نَلْعَنَهُمْ} فيه التفات؛ لأن الضمير فيه عائد على أهل الكتاب، والمعنى: يا أهل الكتاب آمنوا من قبل أن نلعنكم ونخذلكم بالمسخ والطرد عن رحمة الله، {كَمَا لَعَنَّا} وخذلنا وطردنا {أَصْحَابَ السَّبْتِ} الذين اعتدوا بصيد السمك في يوم السبت، بمسخهم قردة وخنازير وطردهم عن رحمة الله تعالى، وقال ابن عطية: المراد بأصحاب السبت أصحاب أيلة الذين اعتدوا في السبت بالصيد، وكانت لعنتهم أن مُسخوا خنازير وقردة انتهى.

والخلاصة: آمنوا بما نزلنا على محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، من قبل أن تقعوا في الخيبة والخذلان، وذهاب العزة باستيلاء المؤمنين عليكم، وإجلائكم من دياركم، كما حدث لطائفة منكم، أو بالهلاك كما وقع بقتل طائفة أخرى وهلاكها، ثم هددهم وتوعدهم بقوله: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ} سبحانه وتعالى؛ أي: قضاؤه بإيقاع شيء ما، كالعذاب واللعنة، أو المغفرة والرحمة، {مَفْعُولًا}؛ أي: نافذًا لا محالة، وهذا إخبار عن جريان عادة الله في الأنبياء المتقدمين، أنه تعالى مهما أخبرهم بإنزال العذاب على الكفار فعل ذلك لا محالة.

والخلاصة: أنه يقول لهم: أنتم تعلمون أن وعيد الله للأمم السالفة قد وقع ولا محالة، فاحترسوا وكونوا على حذر من وعيده لكم، فإنه نافذ لا محالة، لا رادَّ لحكمه، ولا ناقض لأمره، فلا يتعذر عليه شيء يريد أن يفعله،

٤٨ - وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}؛ أي: لا يغفر الإشراك والكفر به، سواء كان إشراك الربوبية، أو إشراك الألوهية أي: لا يغفر الإشراك لمن