للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والكسائي: أراد الشمس والكوكب. وقرأ الأعمش أيضًا والنخعي وابن وثاب كذلك بسكون الراء للتخفيف. وأصل السراج المصباح المضيء بفتيلة شبهت الشمس به في الإنارة والإشراق، كما سيأتي في مبحث المفردات.

{وَقَمَرًا}؛ أي: وجعل فيها كوكبًا يسمى قمرًا، وهو الهلال بعد ثلاث ليال سمي قمرًا لبياضه كما في "المختار"، أو لا بيضاض الأرض به، والأقمر: الأبيض كما في "كشف الأسرار". وقرأ الحسن والأعمش والنخعي وعصمة عن عاصم {وقُمْرا} - بضم القاف وسكون الميم - وهي قراءة ضعيفة شاذة، فالظاهر أنه لغة في القمر، كالرشد والرشد، والعَرب والعرب {مُنِيرًا}؛ أي: مضيئًا بالليل. قال في "نفائس المجالس": في الآية دلالة على كمال قدرته تعالى، فإن هذه الأجرام العظام والنيرات من آثار قدرته سبحانه. ومعنى الآية؛ أي (١): تقدس ربنا الذي جعل في السماء نجومًا كبارًا، عدَّها المتقدمون نحو ألف، وعدها علماء العصر الحاضر بعد كشف آلات الرصد الحديث - التلسكوبات - أكثر من مئتي ألفِ ألفٍ، ولا يزال البحث يكشف كل حين منها جديدًا. وجعل فيها شمسًا متوقدة وقمرًا مضيئًا.

٦٢ - ثم ذكر آية أخرى من آيات قدرته، وفيها الدليل على وحدانيته تعالى، فقال: {وَهُوَ} سبحانه الإله {الَّذِي جَعَلَ} بحكمته التامة {اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} الخلفة (٢): مصدر للنوع، فلا يصلح أن يكون مفعولًا ثانيًا لـ {جعل}، ولا حالًا من مفعوله، فلا بد من تقدير المضاف، ويستعمل بمعنى كان خليفته، أو بمعنى جاء بعده:

فالمعنى على الأول: جعلهما ذوي خلفة يخلف كل واحد منهما عن الآخر بأن يقوم مقامه فيما ينبغي أن يعمل فيه، فمن فرط في عمل أحدهما قضاه الآخر، فيكون توسعة على العباد في نوافل العبادات والطاعات، ويؤيد هذا المعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد فاتته قراءة القرآن: "يا ابن الخطاب لقد أنزل تعالى فيك آية قوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.