خِلْفَةً ...} الآية، ما فاتك من النوافل بالليل فاقضه في نهارك، وما فاتك في النهار فاقضه بالليل".
والمعنى على الثاني: وهو الذي جعلهما ذوي اعتقاب يجيء الليل ويذهب النهار، ويجيء النهار ويذهب الليل، ولم يجعل نهارًا لا ليل له، وليلًا لا نهار له؛ ليعلم الناس عدد السنين والحساب، وليكون للانتشار في المعاش وقت معلوم، وللاستقرار والاستراحة وقت معلوم. وقيل: يتعاقبان في الضياء والظلام، والزيادة والنقصان، ففي الآية تذكير لنعمته، وتنبيه على كمال حكمته وقدرته.
{لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ}؛ أي (١): أن يتذكر آلاء الله ويتفكر في صنعه، فيعلم أن لا بد له من صانع حكيم واجب بالذات، رحيم على العباد، فالمراد بـ {من} هو الكافر. ثم أشار إلى المؤمن بقوله:{أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} - بضم الشين - مصدر بمعنى الشكر؛ أي: أراد أن يشكر الله بطاعته على ما فيهما من النعم، فتكون {أَوْ} على حالها، فتكون للتقسيم والتنويع، وهي مانعة خلوٍّ، فتجوّز الجمع، اهـ شيخنا. ويجوز أن تكون بمعنى {الواو}، فالمعنى: جعلناهما خلفة ليكونا وقتين للذاكرين والشاكرين، من فاته ورده في أحدهما تداركه في الآخر، ووجه التعبير بـ (أو) التنبيه على استقلال كل واحد منهما بكونه مطلوبًا من الجعل المذكور، ولو عطف بالواو؛ لتوهم أن المطلوب مجموع الأمرين. وقرأ النخعي وابن وثاب وزيد بن علي وطلحة وحمزة:{يذْكر} - خفيفة الذال، مضمومة الكاف - مضارع ذكر الثلاثي، وهو في معنى يتذكر.
واعلم: أن الشكر ثلاثة أضرب: شكر بالقلب وهو تصور النعمة، وشكر باللسان وهو الثناء على النعمة، وشكر سائر الجوارح وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقها.
والمعنى: أي وهو الذي جعل الليل والنهار متعاقبين، يخلف أحدهما الآخر، فيكون في ذلك عظة لمن أراد أن يتّعظ باختلافهما، ويتذكر آلاء الله