فالإيمان والعمل الصالح يستران ويمحوان من النفس ما يكون فيها من سوء أثر الأعمال السالفة، فيغلب عليها حب الحق والخير، وتكون أهلًا للوصول إلى عالم القدس والطهر، والأجر العظيم هو الجزاء المضاعف على الإيمان والعمل الصالح، فضلًا من الله ورحمة من لدنه.
١٠ - {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} وجحدوا بوحدانية الله تعالى وبرسالة رسله، ونقضوا عهوده ومواثيقه. والكفر هنا هو الكفر بالله ورسله، لا فرق في ذلك بين الكفر بالجميع وبين الكفر بالبعض {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} القرآنية، وبما جاءت به الرسل من عنده تعالى {أُولَئِكَ} الكافرون المكذبون {أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}؛ أي: ملازموها ومصاحبوها أبدًا لا يفارقونها. وهذه الآية نص قاطع في أن الخلود في النار ليس إلا للكفار؛ لأنَّ المصاحبة تقتضي الملازمة، كما يقال: فلان صاحبُ فلان، يعني ملازم له، وهذه الجملة مستأنفة، أتى بها جمعًا بين الترغيب والترهيب، إيفاء لحق الدعوة بالتبشير والإنذار.
وآيات الله قسمان: آياته المنزلة على رسله وآياته التي أقامها في الأنفس والآفاق للدلالة على وحدانيته وكماله وقدرته وإرادته، وعلى صدق رسله فيما يبلغون عنه، والجحيم النار العظيمة كما قال تعالى حكاية عن قوم إبراهيم:{قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ}؛ أي: أنَّ هؤلاء الكفار المكذبين سيصلون العذاب في نار عظيمة، أعدَّها الله تعالى لمن كفر وكذب بآياته؛ لأن نفوسم قد فسدت، وسوء حالهم قد ران على قلوبهم فأصبحوا صمًّا عميًا لا يبصرون.
١١ - {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله، يعني محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه {اذْكُرُوا}؛ أي: تذكروا {نِعْمَتَ اللَّهِ}؛ أي: إنعامه تعالى عليكم، بدفع بأس العدو عنكم بالشكر عليها {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ}؛ أي: إذ قصد قوم من الكفار {أَنْ يَبْسُطُوا} ويمدوا {إِلَيْكُمْ} أيها المؤمنون {يْدِيَهُمْ} بالقتل والبطش والإهلاك، يقال: بسط إليه يده، إذا بطش به، وبسط إليه لسانه، إذا شتمه، ومعنى بسط اليد مدها إلى المبطوش به {فَكَفَّ} الله سبحانه وتعالى {أَيْدِيَهُمْ} وصرفهم {عَنْكُمْ} وحال بينكم وبين ما أرادوه بكم من الضرر. روي من طرق متعددة أن الآية نزلت في رجل من قبيلة هم بقتل النبي - صلى الله عليه وسلم -، أرسله قومه لذلك، وكان