للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حسبما بين لهم في منسكهم وشريعتهم {إِنَّكَ} يا محمد {لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ}؛ أي: على طريق مستقيم لا اعوجاج فيه؛ أي: على طريق موصل إلى الحق، وشريعة توصل إلى السعادة الأبدية. ونحو الآية قوله: {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ}.

٦٨ - {وَإِنْ جَادَلُوكَ}؛ أي: وان جادلك هؤلاء المشركون في نسكك، وخاصموك مراءً وتعنتا بعد أن ظهر الحق، ولزمتهم الحجة، كما يفعله السفهاء {فَقُلِ} لهم على سبيل التهديد، والوعيد، والإنذار. {اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ}؛ أي: عليم بأعمالكم، وما تستحقون عليها من الجزاء فهو مجازيكم بها. وعليم بأعمالنا فمجاز لنا بها. ونحو الآية قوله: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} وقوله: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}.

٦٩ - وبعد أن أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالإعراض عنهم، وكان ذلك شديد الوقع على النفس، سلاه بأن الله سيجازيهم لا محالة يوم القيامة، على ما يقولون ويفعلون. فقال {اللَّهُ} سبحانه وتعالى {يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ}؛ أي: يفصل ويقضي بين المؤمنين منكم والكافرين {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} بالثواب والعقاب، كما فصل بينكم في الدنيا بالحجج والآيات. {فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} من أمر الدين، فيتبين المحق من المبطل.

وقصارى ما سلف (١): ادع إلى شريعتك، ولا تخص بالدعاء أمة دون أمة، فكلهم أمتك، وانك لعلى طريق واضحة الدلالة، تصل بمن اتبعها إلى سبيل السعادة، فإن عدلوا عن النظر في الأدلة إلى المراء، والتمسك بالعادات، وبما وجدوا عليه الآباء والأجداد .. فدعهم في غيهم يعمهون. فقد أنذرت وما عليك إلا البلاغ، وقيل لهم، مهددًا منذرًا: الله يحكم بيننا وبينكم يوم القيامة، ويتبين المحق من المبطل ويجازي كلا بما يستحق.


(١) المراغي.