للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والإنفاق مما رزقهم ومنها الهدايا التي يغالون فيها، ذكره أبو حيان في "البحر".

٣٦ - {وَالْبُدْنَ} منصوب بمضمر يفسره ما بعده، كقوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ}؛ أي: وجعلنا البدن {جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}؛ أي (١): من أعلام دينه التي شرعها الله لكم، مفعول ثان للجعل، ولكم ظرف لغو متعلق به؛ أي: لأجلكم. والبدن جمع بدنة، وهي الإبل والبقر، مما يجوز في الهدي والأضاحي، سميت بها لعظم بدنها. والبدن هي الشعائر المذكورة في قوله أولًا: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ}.

قال في "بحر العلوم": البدنة في اللغة من الإبل خاصة، وتقع على الذكر والأنثى، وأما في الشريعة فللإبل والبقر، لاشتركهما في البدانة. والبدانة السمن. ولذا ألحق النبي - صلى الله عليه وسلم - البقر بالإبل في الإجزاء عن السبعة، كما رواه أبو داود عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة"، وأضيف الشعائر إلى اسم الله تعظيمًا لها، كبيت الله، فإن المضاف إلى العظيم عظيم.

{لَكُمْ فِيهَا}؛ أي: في البدن {خَيْرٌ}؛ أي: نفع كثير في الدنيا من درها، ونسلها، وصوفها، وظهرها، وأجر عظيم في العقبى.

وقرأ الجمهور (٢): {وَالْبُدْنَ} بإسكان الدال، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وشيبة وعيسى بضمها، وهي الأصل، ورويت عن أبي جعفر ونافع. وقرأ ابن أبي إسحاق أيضًا بضم الباء والدال وتشديد النون، فاحتمل أن يكون اسمًا مفردًا، بني على فعل كعتل، واحتمل أن يكون التشديد من التضعيف الجائز في الوقف، وأجرى الوصل مجرى الوقف. والجمهور على نصب. {والبدن} على الاشتغال؛ أي: وجعلنا البدن كما مر آنفًا، وقرىء بالرفع على الابتداء.

{فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا}؛ أي: على نحرها بأن تقولوا عند ذبحها: الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر اللهم منك وإليك؛ أي: عطاءٌ منك، ونتقرب بها إليك، حالة كونها {صَوَافَّ}؛ أي: قائمات قد صففن أيديهن اليمنى وأرجلهن،


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.