للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكفر والمعاصي، واتباع سبيل الإيمان والطاعة.

وفيه: إشارة إلى أن الملائكة لا يستغفرون إلا لمن تاب ورجع عن اتباع الهوى، واتبع بصدق الطلب وصفاء النية سبيل الحق تعالى. {وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}؛ أي: واحفظهم من عذاب جهنم، وهو تصريح بعد إشعار للتأكيد، وذلك لأن معنى الغفران: إسقاط العذاب، وفيه إشارة إلى أنه بمجرد التوبة لا تحصل النجاة، فلا بدّ من الثبات عليها، وتخليص العمل من شوب الرياء والسمعة، وتصفية القلب عن الأهواء والبدع.

والمعنى (١): فاصفح عن المسيئين إذا تابوا، وأقلعوا عن ذنوبهم، واتبعوا ما أمرتهم به من فعل الخيرات، وترك المنكرات، واجعل بينهم وبين عذاب الجحيم وقاية، بأن تلزمهم الاستقامة، وتتم نعمتك عليهم، فإنك وعدت من كان كذلك بالبعد عن هذا العذاب، ولا يبدل القول لديك، قال مطرف بن عبد الله: وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشيطان، وتلا هذه الآية.

قيل (٢): هذا الاستغفار في مقابلة قولهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} فلما صدر هذا منهم أولًا .. تداركوه بالاستغفار لمن تكلموا فيهم، وهو كالتنبيه لغيرهم، على أنه يجب على من تكلم في أحد بشيء يكرهه، أن يستغفر له، وعلى كل مَنْ آذى غيره، أن يَجْبُرَهُ بإيصال نفع إليه، ذكره في "المراح".

٨ - {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ} عطف على {وَقِهِمْ} وتوسيط النداء بينهما للمبالغة في الجؤار، وهو رفع الصوت بالدعاء والتضرع والاستغاثة {جَنَّاتِ عَدْنٍ}؛ أي: بساتين إقامةٍ وخلودٍ {الَّتِي وَعَدْتَهُمْ} إياها، وقد وعد الله تعالى بأن يدخل من قال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، جنات عدن، إما ابتداءً، أو بعد أن يعذبهم بقدر عصيانهم.

وروي: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لكعب الأحبار: ما جنات عدن؟ قال: قصور من ذهب في الجنة، يدخلها النبيون وأئمة العدل، فعلى هذا


(١) المراغي.
(٢) المراح.