الأسرار» خص (١) الإيمان بالذكر، والنبوة أشرف منه، بيانًا لشرف المؤمنين، لا لشرف نوح، كما يقال: إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من بني هاشم. قال عباس بن عطاء: أدنى منازل المرسلين أعلى مراتب النبيين، وأدنى مراتب النبيين أعلى مراتب الصديقين، وأدنى مراتب الصديقين أعلى مراتب المؤمنين.
٨٢ - {ثُمَّ أَغْرَقْنَا} بالطوفان {الْآخَرِينَ}؛ أي: المغايرين لنوح وأهله، وهم كفار قومه أجمعين، ولم نُبق لهم عينًا ولا أثرًا، وهو معطوف على {نَجَّيْناهُ}، وأتى بـ {ثُمَّ} لما بين الإنجاء والإغراق من التفاوت الرتبي، وكذا إذا كان عطفًا على {تَرَكْنا}، وليس للتراخي؛ لأن كلًا من الإنجاء والإبقاء إنما هو بعد الإغراق دون العكس، كما يقتضيه التراخي.
والثانية منها: قصص إبراهيم عليه السلام
٨٣ - ثم ذكر سبحانه قصة إبراهيم، وبيّن أنه ممن شايع نوحًا فقال:{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ}؛ أي: وإن ممن شايع نوحًا وتابعه ووافقه في أصول الدين والدعوة إلى الله سبحانه، وإلى توحيده والإيمان به {لَإِبْراهِيمَ} وإن اختلفت فروع شريعتهما، ويجوز أن يكون بين شريعتيهما اتفاق كلي أو أكثري. وقال ابن عباس رضي الله عنهما أي: وإن من أهل دينه وعلى سننه أو ممن شايعه ووافقه على التصلب في دين الله، ومصابرة المكذبين، وما كان بينهما إلا نبيان هود وصالح فقط، والذين قبل نوح ثلاثة: إدريس، وشيث، وآدم، فجملة {مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ} من الأنبياء ستة، وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وست مئة وأربعون سنة، قال الأصمعي: الشيعة: الأعوان، وهو مأخوذ من الشياع، وهو الحطب الصغار الذي يوقد مع الكبار حتى يستوقد، وفي بعض التفاسير أن الهاء في {شِيعَتِهِ} عائد على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان غير مذكور.
والمعنى عليه: وإن من شيعة محمد - صلى الله عليه وسلم - لإبراهيم، فإبراهيم وإن كان سابقًا في الصورة، لكنه متابع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحقيقة، ولذا اعترف بفضله، ومدح