للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس وأهل التفسير (١): أغلَق لوط بابَه، والملائكة معه في الدار، وجَعَلَ يناظر قَوْمَه ويناشدهم من وراء الباب، وقومه يعالجون سُوَر الدار،

٨١ - فلما رأت الملائكة ما لقي لوط بسببهم من الكرب {قَالُوا}؛ أي: قالت الملائكة للوط بعد أَنْ رأوا شديدَ الكرب الذي لحقه بسببهم، وتمنِّيهِ أن يَجِدَ قُوَّةً تدفعهم عن أضيافه {يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ} أرسلنا لإهلاكهم، وتنجيتك من شَرِّهم {لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} وإلى من معك بضرر، ولا مكروه، ولن يخزوك فينا، وإنَّ ركنَك شديد، فهَوِّن عليك الأمر، وافتح الباب، ودَعْنا وإياهم. ففتح البابَ فدخلوا، فاستأذن جبريل ربَّه تعالى في عقوبتهم، فأَذِنَ له فتحول إلى صورته التي يكون فيها، ونشر جَنَاحَيْه وعليه وشاح من در منظوم، وهو براق الثَّنَايا أجلى الجبين، ورَأْسُه حبك مثل المرجان، كأنه الثلج بياضًا، وقدَماه إلى الحضرة، فضَرَبَ بجناحيه وجوههم، فطَمَسَ أعيُنَهم، وأعماهم فَصاروا لا يعرفون الطريقَ، ولا يهتدون إلى بيوتهم، وانصرفوا، وهم يقولون: النجاءَ، النَّجاءَ في بيتِ لوط أسْحَرُ قوم في الأرض، قد سَحَرونا، وجَعَلُوا يقولون يا لوط كما أنت حتى تصبحَ، وسترى ما تلقى مِنَّا غدًا، يوعدونه بذلك، ولكنه من الإسرائيليات لا أصلَ لها.

{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}؛ أي: فاخْرُج من هذه القرى أنت مع أهلك، يعني: بنتيه ريْثا وزَعُورا {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}؛ أي: في طائفةٍ وبقيةٍ من الليلِ تكفي لتجاوز حدودها؛ أي: أُخرُجوا ليلًا لتستبقوا نُزولَ العذاب الذي موعده الصبح. وجاء في سورة الذاريات: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)}. وفي "القرطبي": فخرج لوط، وطَوَى الله له الأرض في وَقْتِهِ حتى نجا ووَصلَ إلى إبراهيمَ، اهـ. وقرأ (٢) الحرميان نافع، وابن كثير: {فاسر بأهلك} هنا، وفي الحجر، وفي الدخان: {فاسر بعبادي}. وقوله: (أن اسر} في طه والشعراء قرأ جميع ذلك بهمزة الوصل تَسْقُط درجًا، وتثبت مكسورة ابتداءً. وقرأ الباقون: {فأَسْر} بهمزة القطع، تثبت مفتوحةً دَرَجًا وابتداءً.


(١) الخازن.
(٢) الفتوحات.