إسحاق. ولكعب الأحبار ضلع في هذه الأخبار وأمثالها التي تلقاها المسلمون منه، وكان يحدث بها عن الكتب القديمة وهي جامعة بين الغث والسمين، ثقة بأن عمر رضي الله عنه قد استمع منه. ومن ثم احتاج الثقات إلى تمحيصها، وعزل جيدها من بهرجها، وصحيحها من سقيمها.
ثانيًا: ومن قائل: إنه إسماعيل، وهو الذي يساوقه صحيح النظر، ونصوص القرآن. ويؤيده:
١ - رواية ذلك عن ابن عباس، فقد روى عطاء ابن أبي رباح عنه أنه قال: المفدي هو إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود.
٢ - روى مجاهد عن ابن عمر أنه قال الذبيح إسماعيل.
٣ - أن ابن إسحاق قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يقول: إن الذي أمر الله بذبحه من ابني إبراهيم هو إسماعيل، وإنا لنجد ذلك في كتاب الله تعالى، فإنه بعد أن فرغ من قصة المذبوح من ابني إبراهيم قال:{وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} وقال: {فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ}، فلم يكن يأمره بذبح إسحاق، وله فيه من الموعد ما وعده، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل، قال ابن إسحاق: سمعته يقول ذلك كثيرًا.
وعلى الجملة: فظاهر نظم الآية والروايات التي يروونها، يؤيد أنه إسماعيل، ولكن اليهود حسدوا العرب، على أن يكون أباهم هو الذي كان من أمر الله فيه ما كان، ومن الفضل الذي ذكره الله له لصبره، لما أمر به، فجحدوا ذلك، وزعموا أنه إسحاق؛ لأنه أبوهم، والله أعلم أيهما كان، وكل قد كان طاهرًا مطيعًا لربه.
القصة الثالثة: قصة موسى وهارون عليهما السلام
١١٤ - ولما فرغ الله سبحانه، من ذكر إنجاء الذبيح من الذبح، وما منّ عليه بعد ذلك من النبوة .. ذكر ما منّ به على موسى وهارون. فقال:{وَلَقَدْ مَنَنَّا}؛ أي: وعزتي وجلالي لقد أنعمنا {عَلى مُوسى} بن عمران وَأخيه الشقيق {هارُونَ} بن