بيانًا لوجه الشبه، وتكريره ثانيًا تأكيدٌ ومبالغةٌ في ذم المخاطبين، وتقبيح حالهم، ولم يسلك هذه الطريقة في التشبيه الثاني، وهو قوله:{وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} حيث لم يقل: وخاضوا وخضتم كخوضهم، اكتفاءًا بالتمهيد الأول فاستغنى عن ذكر التمهيد في التشبيه الثاني. اهـ "زاده" بتصرف.
وقوله:{وَخُضْتُمْ} معطوف على قوله: واستمتعتم؛ أي: وخضتم أيها المنافقون المعاصرون لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ودخلتم أشد الدخول في إيذاء الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين وفي الطعن بالإسلام {كَالَّذِي خَاضُوا}؛ أي: خوضًا كخوض الفريق الذي خاضوا في تكذيب أنبيائهم وطعنهم من الذين كانوا من قبلكم؛ أي: ودخلتم في الباطل، كما دخلوا فيه مع ما بين حالكم وحالهم من الفوارق التي كانت تقتضي أن تكونوا أهدى منهم سبيلًا.
{أُولَئِكَ} المستمتعون بخلاقهم وحظوظهم، والخائضون في الأباطيل، فالإشارة إلى كل من المشبهين والمشبه بهم، فهي لمجموع الفريقين {حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}؛ أي: بطلت حسناتهم بسبب الفقر، والانتقال من العز إلى الذل، ومن القوة إلى الضعف، وبسبب الموت وفي الآخرة بسبب أنهم يعاقبون أشد العقاب.
والمعنى: حبطت أعمالهم الدنيوية، فكان ضررها أكبر من نفعها لهم، لإسرافهم وإفسادهم في الأرض، وكذلك أعمالهم الدينية في الآخرة من عبادات، وصلة رحم وصدقة، وقرى ضيف، فلم يكن لهم أجر عليها ينقذهم من عذاب النار ويدخلهم الجنة، إذ شرط قبولها في الآخرة الإيمان والإخلاص.
{وَأُولَئِكَ} الموصوفون بالأفعال الذميمة {هُمُ الْخَاسِرُونَ} في الدنيا والآخرة، حيث أتعبوا أنفسهم في الرد على الأنبياء، فما وجدوا منه إلا فوات الخيرات في الدنيا والآخرة، وإلا حصول العقاب بهم في الدنيا والآخرة، فهم خسروا في مظنة الربح والمنفعة.