للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جديد وثياب جدد، باختلاف بين النحاة ذكره في "البحر"

٣٥ - {وَزُخْرُفًا} إما معطوف على {سُقُفًا}، والزخرف حينئذ بمعنى ما يزين به البيت من أثاث وأمتعة ومواعين كالأواني والمفارش وما يزين به الجدار؛ أي: ولجعلنا لبيوتهم زينةً تزوق بها البيوت من الأثاث والمواعين، أو معطوف على محل {مِنْ فِضَّةٍ} فيكون بمعنى الذهب، فيكون أصل الكلام: ولجعلنا لبيوتهم سقفًا من فضة ومن زخرف يعني: بعض السقف من فضة وبعضها من ذهب، فيكون نصبه على هذا بنزع الخافض؛ أي: أبوابًا وسررًا من فضة ومن ذهب، فلما حذف الخافض انتصب.

والمعنى (١): أي ولولا كراهية أن يكون الناس كلهم على ملة الكفر ميلا إلى الدنيا وزخرفها، فلا يبقى في الأرض مؤمن، لأعطينا الكفار ثروات طائلةً، وجعلنا سقف بيوتهم وسلالمهم ومصاعدهم التي يرتقون ويصعدون عليها، وأبواب البيوت والسرر التي يتكئون عليها من فضة خالصة وذهب خالص وزينةٍ ونقوش، فائقة لهوان الدنيا عند الله تعالى.

{وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} إن نافية، ولما بالتشديد بمعنى إلا؛ أي: وما كل ذلك المذكور من البيوت الموصوفة بالصفات المفصلة إلا شيء يتمتع به في الحياة الدنيا لا دوام له ولا حاصل إلا الندامة والغرامة، وقرىء بتخفيف لما على أنّ {إن} هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، وما صلة، والتقدير: وإن الشأن كل ذلك لمتاع الحيياة الدنيا {وَالْآخِرَةُ} بما فيها من فنون النعم التي يقصر عنها البيان حال كونها مدخرة {عِنْدَ رَبِّكَ} كائنةً {لِلْمُتَّقِينَ} عن الشرك والمعاصي؛ أي: لمن اتقى الشرك والمعاصي، وآمن بالله وحده، وعمل بطاعته، فإنها الباقية التي لا تفنى ونعيمها الدائم الذي لا يزول.

وقرأ الجمهور (٢): {لَمَّا} بفتح اللام وتخفيف الميم، وإن: هي المخففة من الثقيلة، واللام: هي الفارقة بين الإيجاب والنفي، و {ما}: زائدة، و {مَتَاعُ}: خبر {كُلُّ}، وقرأ الحسن وطلحة والأعمش وعيسى وعاصم وحمزة {لمّا}


(١) التفسير المنير.
(٢) البحر المحيط.