للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال زيد: جاءني فلان؛ لأنه اسم اللفظ الذي هو علم الاسم، وكذلك جاء في كلام الله. وقيل: فلان كناية عن علم ذكور من يعقل، وفلانة عن علم إناثهم. وقيل: كناية عن نكرة من يعقل من الذكور، وفلانة عمن يعقل من الإناث. والظاهر أنه منصرف. وأما الفلان والفلانة فكناية عن غير العقلاء. وقيل: يختص بالنداء إلا في ضرورة الشعر، كقوله:

فِيْ لُجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَنًا عَنْ فُلِ

وفل (١): كناية عن نكرة الإنسان نحو يا رجل، وهو مختص بالنداء، وفلة بمعنى يا امرأة كذلك، ولام فل ياء أو واو على الخلاف فيه، وليس مرخمًا من فلان، خلافًا للفراء. وَوهم ابن عصفور وابن مالك وصاحب البسيط في قولهم: فل كناية عن العلم كفلان. وفي كتاب سيبويه: ما قلناه بالنقل عن العرب.

وقرأ الحسن وابن قطيب {يا ويلتي} بكسر التاء والياء الصريحة، فالياء فيه ياء المتكلم، وهو الأصل. وقرأ الدوري وجماعة بالإمالة. قال أبو علي: وترك الإمالة أحسن؛ لأن أصل هذه اللفظة الياء، فأبدلت الكسرة فتحة والياء ألفًا فرارًا من الياء، فمن أمال رجع إلى الذي فرّ منه.

٢٩ - والله {لَقَدْ أَضَلَّنِي} وصرفني {عَنِ الذِّكْرِ}؛ أي: عن القرآن المذكر لكل مرغوب ومرهوب، وعن موعظة الرسول {بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} الذكر من ربي بواسطة الرسول، وتمكنت من العمل به، وعمرت ما يتذكر فيه من تذكر.

وهاهنا (٢) تم الكلام، ثم قال الله تعالى: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ}؛ أي: إبليس الحامل بوسوسته على مخالة المضلين ومخالفة الرسول وهجر القرآن {لِلْإِنْسَانِ} المطيع له {خَذُولًا}؛ أي: كثير الخذلان له، ومبالغًا في حبه، يواليه حتى يؤديه إلى الهلاك، ثم يتركه ولا ينفعه، وكذا حال من حمله على صداقته. والخذلان: ترك النصرة ممن يظن به أن ينصر. وفي وصفه بالخذلان إشعار بأنه كان يعده في الدنيا ويمنيه بأن ينفعه في الآخرة.


(١) زاد المسير.
(٢) روح البيان.