يضيع دعاء الكافرين، فما ظنك بالماء. أو المعنى (١): وما عبادة الكافرين إلا في ضياع لا منفعة فيها؛ لأنهم إن عبدوا الأصنام لم يقدروا على نفعهم، وإن عبدوا الله لم يقبل منهم لإشراكهم. وقرأ الجمهور:{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ} - بالياء -، وقرىء بالتاء. وقرىء على هذه القراءة الشاذة:{كَبَاسِطٍ كَفَّيْهِ} - بتنوين باسط - ويكون في قوله:{لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ} التفات.
١٥ - ثم بين عظيم قدرته تعالى، فقال:{وَلِلَّهِ} سبحانه وتعالى لا لغيره {يَسْجُدُ} حقيقة بوضع الجبهة على الأرض {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} من الملائكة وأرواح الأنبياء والمؤمنين {و} من في {الأرض} من الملائكة والمؤمنين من الثقلين {طَوْعًا}؛ أي: حالة كونهم طائعين مختارين في حالة السعة والرخاء {و} حالة كونهم {كرها}؛ أي: كارهين حالة الشدة والضرورة. أو المعنى: والله يعبد من في السماوات ومن في الأرض من الملائكة وبعض المؤمنين من الثقلين حالة كونهم طائعين بسهولة ونشاط، وحالة كونهم كارهين للعبادة بمشقة لصعوبة ذلك على بعض المؤمنين. وقوله:{كَرْهًا} راجع لمن {فِى الْأَرْضِ} فقط. {و} يسجد لله سبحانه وتعالى {ظلالهم}؛ أي: ظلال من في السماوات والأرض بالعرض؛ أي: تبعًا لذي الظل؛ أي: ظلال من له ظل منهم، وهو الإنس لا الجن ولا الملك؛ إذ لا ظل لهما. {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}؛ أي: في البكر والعشايا، فالباء بمعنى في الظرفية متعلقة بـ {يَسْجُدُ}، ويجوز أن يراد بالسجود معناه المجازي، وهو انقيادهم لأحداث ما أراده الله فيهم شاؤوا أو كرهوا، وانقياد ظلالهم لتصريفه إياها بالمد والتقليص، ونقلها من جانب إلى جانب، فالكل مذلل ومسخر تحت الأحكام والتقدير، والغدو: جمع غداة؛ وهي البكرة. والآصال: جمع أصيل؛ وهو العشي من حين زوال الشمس إلى غيبوبتها كما في "بحر العلوم". وقال في "الكواشي" وغيره الأصيل: ما بين صلاة العصر وغروب الشمس؛ أي: يسجد في هذين الوقتين، والمراد بهما الدوام؛ لأن السجود سواء أريد به حقيقته، أو الانقياد والاستسلام لا اختصاص له بالوقتين، وتخصيصهما - مع أن انقياد الظلال