٢ - صدهم من وصل إليه وآمن به بصرفه عن الثبات على الإيمان، والاستقامة على الطريق الموصلة إلى سعادة الدارين.
٣ - ابتغاؤهم جعل سبيل الله المستقيمة معوجة بالطعن، وإلقاء الشبهات المشككة فيها، أو المشوهة لها، وهم بعملهم هذا ارتكبوا ضلالتين: التقليد والعصبية للآباء والأجداد، وضلالة الغلو في الحرية الشخصية التي أباحت لهم الطعن في الأديان حتى بلغوا في ذلك حد الطغيان.
{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا}؛ أي: وتذكروا الزمن الذي كنتم فيه قليلي العدد {فَكَثَّرَكُمْ} الله سبحانه وتعالى بما بارك في نسلكم، واشكروا له ذلك بعبادته وحده واتباع وصاياه في الحق، والإعراض عن الفساد في الأرض. وقد روي أن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط، فولدت له، فرمى الله في نسلهما البركة والنماء فكثروا. وقيل المعنى: إذ كنتم مقلين فقراء، فجعلكم مكثرين موسرين، وقيل: إذ كنتم أذلة قليلي العدد، فأعزكم بكثرة العدد والعدد.
{وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ}؛ أي: فانظروا وتأملوا نظر اعتبار كيف كان آخر أمر المفسدين في الأرض من الأمم والشعوب المجاورة لكم كقوم نوح وعاد وثمود، وكيف أهلكهم الله بفسادهم وبغيهم في الأرض، فاعتبروا بما حل بهم واحذروا أن يصيبكم مثل ما أصابهم.
٨٧ - {وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ}؛ أي: جماعة كائنة {مِنْكُمْ} أيها القوم {آمَنُوا} وصدقوا {بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ} إليكم من الأحكام والشرائع التي شرعها الله تعالى لكم {وَطائِفَةٌ} أخرى منكم {لَمْ يُؤْمِنُوا} ولم يصدقوا بما أرسلت به إليكم {فَاصْبِرُوا}؛ أي: فانتظروا أيها المؤمنون والكافرون من الطائفتين {حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا} وبينكم جميعا من مؤمن وكافر بإعلاء درجات المؤمنين ونصرهم، وبإظهار خزي الكافرين وذلهم {وَهُوَ} سبحانه وتعالى {خَيْرُ الْحاكِمِينَ}؛ أي: أفضلهم وأعلمهم؛ لأنه تعالى حاكم عادل منزه عن الجور لا معقب لحكمه ولا حيف فيه، ولا يخفى ما في هذا من الوعيد والتهديد، وحكم الله بين عباده ضربان: