للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أشد. وقيل: المعنى: وما أدري (١) لعل تأخير الجهاد استدراج وضرر لكم، وتمتيع لكم إلى انقضاء آجالكم.

١١٢ - {قَالَ} الرسول الكريم، - صلى الله عليه وسلم -، فهو حكاية لدعائه، - صلى الله عليه وسلم - {رَبِّ احْكُمْ} بيني وبين هؤلاء المكذبين {بِالْحَقِّ}، أي: بما هو الحق عندك، ففوض الأمر إليه سبحانه؛ أي: احكم بيننا وبين أهل مكة بالعدل المستلزم لتعجيل العذاب، وقد استجيب دعاؤه - صلى الله عليه وسلم -، حيث عذبوا في بدر وأُحد والخندق وحنين {وَرَبُّنَا} مبتدأ، خبره قوله: {الرَّحْمَنُ}؛ أي: كثير الرحمة لعباده، وهي وإن كانت بمعنى الأنعام فمن صفات الفعل، وإن أريد بها إرادة إيصال الخير، فمن صفات الذات {الْمُسْتَعَانُ} خبر آخر؛ أي: المطلوب منه المعونة {عَلَى مَا تَصِفُونَ}؛ أي: على ما تقولون من أن الشوكة، تكون لهم، وإن راية الإسلام تخفق أياماً، ثم تركد وتسكن، فكذّب الله ظنونهم، وخذلهم ونصر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمنين. ومعنى الآية؛ أي (٢): قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: رب افصل بيني وبين من كذبني من مشركي قومي، وكفر بك وعبد غيرك بإحلال عذابك، ونقمتك به بالعدل، الذي يقتضي تعجيل العذاب به وتشديده عليه.

وخلاصة ذلك: رب عجّل بعذابهم، وقد أجاب الله دعاءه، وأنزل بهم العذاب الأليم يوم بدر. قال قتادة: كان الأنبياء يقولون: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} فأمر رسوله أن يقول ذلك، {وربنا المستعان على ما تصفون}، من الشرك والكفر والكذب والأباطيل من قولكم: {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا}، وقولكم: {هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}. ومن قولكم: {إن الشوكة تكون لكم} وقولكم: {بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ}.

وخلاصة ذلك: أنه طلب من ربه، أن يحكم بما يظهر الحق للجميع، وأمره ربه أن يتوعد الكفار بقوله: {وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}. وقد كثر استعمال "الوصف" في الكتاب الكريم بمعنى الكذب كقوله: {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا


(١) المراح.
(٢) المراغي.