إنّي رسول؛ أي: مرسل إليك وإلى قومك من رب العالمين؛ أي: من خالق العالمين كلهم، وسيدهم ومالكهم ومدبر جميع أمورهم،
١٠٥ - وأنا {حَقِيقٌ}؛ أي: جدير وحريص {عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا} القول {الْحَقَّ} والكلام الصدق، فهو لا يقول على الله إلا القول الحق، إذ لا يمكن أن يبعث الله رسولا يكذب عليه، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، فهو معصوم من الكذب والخطأ في التبليغ.
والخلاصة: أنّ كلامه اشتمل على عقيدة الوحدانية، وهي أنّ للعالمين ربا واحدا، وعلى عقيدة الرسالة المؤيدة منه تعالى بالعصمة في التبليغ والهداية.
وقرأ نافع (١): {عليّ أن لا أقول} بتشديد الياء، جعل {على} داخلة على ياء المتكلم، ف {حَقِيقٌ}: مبتدأ، وخبره ما دخلت عليه {أَنْ}؛ أي: واجب وثابت علي ترك القول على الله إلا بالحق، وقرأ باقي السبعة عَلى بمد اللام على أنّها جارة للمصدر المنسبك مما بعدها، فـ {حَقِيقٌ}: خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: وأنا حقيق وحريص على عدم القول على الله إلا الحق، كما مر آنفا في حلنا. وقال أبو الحسن والفراء والفارسي:{عَلى}: بمعنى الباء؛ أي: حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق، كما أنّ الباء تكون بمعنى {على} في قوله: {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ}؛ أي: على كل صراط، فكأنه قيل: حقيق بأن لا أقول، كما تقول: فلان حقيق بهذا الأمر وخليق به، ويشهد لهذا التوجيه قراءة أبي {بأن لا أقول} وضع مكان {عَلى} الباء، وقرأ عبد الله والأعمش {حقيق أن لا أقول} بإسقاط {عَلى} فاحتمل أن يكون على إضمار {على}، كقراءة من قرأ بها، واحتمل أن يكون على إضمار الباء كقراءة أبي، وعلى كلا الاحتمالين يكون التعلق بـ {حَقِيقٌ}.
ولمّا ذكر أنّه رسول من عند الله، وأنّه لا يقول على الله إلا الحق .. أخذ يذكر المعجزة والخارق الذي يدل على صدق رسالته فقال:{قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ} والخطاب فيه لفرعون وملائه الحاضرين معه؛ أي: قد جئتكم ببرهان قاطع {مِنْ