ولكن واأسفًا وقعنا فيما وقع فيه السالفون، وتفرقنا طرائق قددًا، وأصابنا من الخذلان والذل بسبب هذا التفرق ما لا نَزَال نَئِنَّ منه، ونرجو أن يشملنا الله بعفوه ورحمته ويمدنا بروح من عنده، فيسعى أهل الإيمان الصادق في نبذ الاختلاف والشقاق، والعودة إلى الوحدة والاتفاق حتى يعود المسلمون إلى سيرتهم الأولى في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين ومن تبعهم بإحسان.
{وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ}، أي: ومن ينكر بالآيات الدالة على أن الدين المرضي عند الله هو الإِسلام بأن لم يعمل بمقتضاها {فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}؛ أي: المجازاة له على كفره؛ أي: فإنه يحاسبه على كفره ويجازيه عليه قريبًا، ولا يخفى ما فيه من الوعيد والتهديد.
وخلاصة هذا الكلام: ومن يكفر بآيات الله الدالة على وجوب الاعتصام بالدين ووحدته وحرمة الاختلاف والتفرق فيه ويترك الإذعان لها .. فالله يجازيه ويعاقبه على ما اجترح من السيئات، والله سريع الحساب. والمراد بآيات الله هنا: هي آياته التكوينية في الأنفس والآفاق، ويدخل في ترك الإذعان لها صرفُها عن وجهها؛ لتوافق مذاهب أهل الزيغ والإلحاد. وآياتهُ التشريعية التي أنزلها على رسله. والله أعلم.
٢٠ - {فَإِنْ حَاجُّوكَ}؛ أي: خاصمك يا محمَّد أهل الكتاب اليهود والنصارى أو غيرهم في أن الدين عند الله هو الإِسلام بعد قيام الحجة عليهم {فَقُلْ} لهم {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ}؛ أي: أسلمت ذاتي من إطلاق الجزء وإرادة الكل، أو أخلصت عملي وعبادتي {لِلِّهِ} سبحانه وتعالى وحده لا أشرك به في ذلك غيره {و} أسلم {من اتبعنِ} وجوهُهم لله تعالى، فهو معطوف على التاء في {أَسْلَمْتُ}، وجاز ذلك لوجود الفصل بالمفعول، والمعنى: أنه - صلى الله عليه وسلم - أسلم وجهه لله، وهم أسلموا وجوههم لله تعالى. وأثبت (١) الياء في: {اتَّبَعَنِ} نافع وأبو عمرو وصلًا، وحذفاها وقفًا، وأثبتها يعقوب وصلًا ووقفًا، والباقون حذفوها وقفًا ووصلًا