للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والحلال والحرام، ونعت محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وصفته، فإن أجابوك وقالوا: الله أنزله .. فذاك، وإلا فـ {قُلِ} لهم {اللَّهُ} سبحانه وتعالى أنزله على موسى لا جواب غيره {ثُمَّ} بعد هذا الجواب {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ}؛ أي: اتركهم يا محمَّد في باطلهم الذي يخوضون فيه، وينهمكون فيه حال كونهم {يَلْعَبُونَ}؛ أي: يستهزئون ويسخرون من الحق الذي جئت به، ويصنعون مثل صنع الصبيان الذين يلعبون حتى يأتي أمر الله فيهم.

والمعنى (١): قل لهم أيها الرسول: الله أنزله على موسى، ثم دعهم بعد هذا البيان المؤيد بالحجة والبرهان فيما يخوضون فيه من باطلهم، وكفرهم بآيات الله حال كونهم يلعبون كما يلعب الصبيان. وفي أمر الرسول بالجواب عما سئلوا عنه إيماءٌ إلى أنهم لا ينكرونه لما في ذلك من المكابرة، وما في الاعتراف من الخزي إذا هم أقروا بما يجحدون من الحق.

٩٢ - وبعد أن ذكر أنه أنزل الكتاب على موسى .. بين أنه أنزل القرآن على رسوله محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {وَهَذَا} القرآن الذي يقرؤه محمَّد - صلى الله عليه وسلم - {كِتَابٌ} عظيم {أَنْزَلْنَاهُ} على محمَّد - صلى الله عليه وسلم - بالوحي على لسان جبريل، كما أنزلنا من قبله التوراة على موسى {مُبَارَكٌ}؛ أي: كثير الخير دائم البركة والمنفعة، يبشر بالثواب والمغفرة، ويزجر عن القبيح والمعصية.

وهذا من جملة الرد عليهم في قولهم (٢): {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} أخبرهم بأن الله أنزل التوراة على موسى وعقبه بقوله: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ} يعني: على محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فكيف تقولون: ما أنزل الله على بشر من شيء. {مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} من الكتب الإلهية؛ أي: موافق لما في التوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب الإلهية في التوحيد، وتنزيه الله عما لا يليق به، وفي الدلالة على البشارة والنذارة.

وقوله: {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى} معطوف على معنى ما قبله؛ أي: أنزلناه للبركة والتصديق، ولتنذر به أم القرى، أو على معلوم من السياق تقديره: أنزلناه لتبشر


(١) المراغي.
(٢) الشوكاني.