للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وآية الرجم. والمعنى (١): يضعون الكتاب في ورقات مفرقة، فجعلوه أجزاء نحو نيف وثمانين جزءًا، وفعلوا ذلك ليتمكنوا من إخفاء ما أرادوا إخفاءه، فيجعلون ما يريدون إخفاءه على حدة ليتمكنوا من إخفائه.

قال أبو حيان: إن كان (٢) المنكرون بني إسرائيل .. فالاحتجاج عليهم واضح؛ لأنهم ملتزمون نزول الكتاب على موسى، وإن كانوا العرب .. فوجه الاحتجاج عليهم أن إنزال الكتاب على موسى أمر مشهور منقول نقل قوم لم تكن العرب مكذبة لهم، وكانوا يقولون: لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم انتهى.

وقرأ الجمهور بالتاء الفوقانية في الأفعال الثلاثة: {تبدون}، {تخفون}، {تجعلون}. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالياء على الغيبة في الأفعال الثلاثة. فأما (٣) الغيبة .. فللحمل على ما تقدم من الغيبة في قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ} إلخ. وعلى هذا فيكون في قوله: {وَعُلِّمْتُمْ} تأويلان:

أحدهما: أنه خطاب لهم أيضًا، وإنما جاء به على طريقة الالتفات.

والثاني: أنه خطاب للمؤمنين من قريش اعترض به بين الأمر بقوله: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ}، وبين قوله: {قُلِ اللَّهُ}. وأما قراءة تاء الخطاب .. ففيها مناسبة لقوله: {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ} ورجحها مكي وجماعة، لذلك قال: وذلك أحسن في المشاكلة والمطابقة واتصال بعض الكلام ببعض، وهو الاختيار لذلك، ولأن أكثر القراء عليه.

وقوله: {وَعُلِّمْتُمْ} يحتمل أن يكون مستأنفًا مقررًا لما قبله، وأن يكون حالًا؛ أي: قل لهم: من أنزل الكتاب الذي جاء به، والحال أنكم قد علمتم أيها اليهود من ذلك الكتاب الذي أنزل على موسى من أمور دينكم ودنياكم {مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ} من قبل إنزال ذلك الكتاب من الأحكام والحدود،


(١) المراح.
(٢) البحر المحيط.
(٣) الفتوحات.