(نحن وآباؤنا)، وقال: في النمل: {لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا} بتقديم هذا على نحن وآباؤنا، جريا هنا على القيام من تقديم المرفوع على المنصوب، وعكس ثم بيانًا لجواز تقديم المنصوب على المرفوع، وخص ما هنا بتقديم المرفوع على المنصوب، الذي هو لفظ هذا، جريًا على الأصل بلا وجود مقتض لخلافه، وخص ما هناك بتقديم المنصوب، اهتمامًا به من منكري البعث، فكأنهم قالوا: إن هذا الوعد كما وقع منه - صلى الله عليه وسلم -، فقد وقع قديمًا من سائر الأنبياء، ثم لم يوجد مع طول العهد، فظنوا أن الإعادة تكون في الدنيا، ثم قالوا: لما لم يكن ذلك فهو من أساطير الأولين. اهـ. "كرخي".
٨٤ - ثم أمر الله سبحانه نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل الكفار عن أمور لا عذر لهم من الاعتراف بها، ثم أمره أن ينكر عليهم بعد الاعتراف منهم ويوبخهم فقال:{قُلْ} يا محمد لكفار مكة {لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا} من المخلوقات، عبر بمن تغليبًا للعقلاء على غيرهم {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} شيئًا ما فأخبروني بخالقهما، فإن ذلك كاف في الجواب، وفيه (١) من البالغة في الاستهانة بهم وفي تجهيلهم ما لا يخفى.
والمعنى: قل أيها الرسول، لهؤلاء المكذبين بالآخرة من قومك، لمن ملك السموات والأرض، ومن فيها من الخلق إن كنتم من أهل العلم بذلك
٨٥ - {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ}؛ أي: إنم سيقرون بانهما لله تعالى ملكًا وخلقًا، وتدبيرًا، دون غيره؛ لأن بديهة العقل تضطرهم إلى الاعتراف بأنه تعالى خالقها، وهذا إخبار من الله بما يقع منهم في الجواب قبل وقوعه.
ثم أمر رسوله أن يرغبهم في التدبر، ليعلموا بطلان ما هم عليه، فقال:{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} الهمزة: للاستفام التوبيخي داخلة على محذوف، و {الفاء}: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير: أتقولون ذلك، وتنكرون البعث: فلا تتذكرون أن من فطر الأرض وما فيها ابتداءً .. قادر على إعادتها ثانيًا، فإن البدء