وقال في "أسئلة الحكم": كان - عليه السلام - يعلم الخطوط ويخبر عنها، فلماذا لم يكتب؟
والجواب: أنه لو كتب لقيل: قرأ القرآن من صحف الأولين. انتهى.
قال النيسابوري: إنصا لم يكتب، لأنه إذا كتب وعقد الخنصر يقع ظل قلمه وإصبعه على اسم الله تعالى وذكره، فلما كان ذلك قال الله تعالى: لا جرم يا حبيبي لَمَّا لَمْ ترد أن يكون قلمك فوق اسمي، ولم ترد أن يكون ظل القلم على اسمي، أمرت الناس أن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوتك تشريفًا لك وتعظيمًا، ولا أدع بسبب ذلك ظلك يقع على الأرض صيانةً له أن يوطأ بالأقدام. انتهى.
فائدة: قيل أول من كتب الكتاب العربي، والفارسي، والسرياني، والعبراني، وغيرها من بقية الاثني عشر، وهي: الحميري، واليوناني، والرومي، والقبطي، والبربري، والأندلسي، والهندي، والصيني - آدم عليه السلام، كتبها في طين وطبخه، فلما أصاب الأرض وانفرق .. وجد كل قوم كتابًا فكتبوه، فأصاب إسماعيل - عليه السلام - الكتاب العربي، وأما ما جاء "أول من خط بالقلم: إدريس - عليه السلام - ". فالمراد به: خط الرمل.
٤٩ - ثم أكد ما سلف، وبين أنه منزل من عند الله حقًا، فقال:{بَلْ هُوَ}؛ أي: بل هذا القرآن {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ}؛ أي: آيات واضحات الإعجاز، ثابتات راسخات {في صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} به، يعني: المؤمنين الذين حفظوا القرآن على عهده - صلى الله عليه وسلم - وحفظوه بعده.
أي (١): بل القرآن آيات واضحات، ثابتة راسخة في قلوب الذين أعطوا العلم بالقرآن، فليس مما يشك فيه، لكونه محفوظًا، من غير أن يلتقط من كتاب، بحيث لا يقدر على تحريفه أحد، بخلاف غيره من الكتب، فإنه لا يقرأ إلا في المصاحف.