للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٩٥ - {قَالُوا}؛ أي: قال حاضروا مجلسه {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ}؛ أي: لفي خطئك {الْقَدِيمِ}؛ أي: الذي طال أمده باعتقادك أن يوسف حي يرجى لقاؤه، وقد قرب ولا غرو فللخلي أن يقول في الشجي ما شاء، فأذنه عن العذَّل صماء:

سَلْوَتِيْ عَنْكُمُ احْتِمَالٌ بَعِيْدٌ ... وَافْتِضَاحِيْ بِكُمْ ضَلاَلٌ قَدِيْمُ

كُلُّ مَنْ يَدَّعِيْ الْمَحَبَّةَ فِيْكُمُ ... ثُمَّ يَخْشَى الْمَلاَمَ فَهُوَ مُلِيْمُ

قال قتادة في تفسيرها (١): {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ}؛ أي: من حب يوسف لا تنساه ولا تسلوه. اهـ.

قالوا لوالدهم كلمة غليظة لم يكن ينبغي لهم أن يقولوها له.

٩٦ - و {أَنْ} في قوله: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} صلة؛ أي: زائدة لتأكيد (٢) الفعلين واتصالهما حتى كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان من غير فاصل وقت؛ أي: فلما جاء البشير وهو ابنه يهوذا الذي يحمل القميص من يوسف، وهو الذي حمل إليه قميصه الملطخ بالدم الكذب ليمحو السيئة بالحسنة {أَلْقَاهُ}؛ أي: ألقى البشير القميص وطرحه {عَلَى وَجْهِهِ}؛ أي: على وجه يعقوب {فَارْتَدَّ} يعقوب؛ أي: عاد ورجع يعقوب من فوره {بَصِيرًا}؛ أي: ذا بصر كما كان قبل فراق يوسف. والارتداد: انقلاب الشيء إلى حال كان عليها، وهو من الأفعال الناقصة؛ أي: عاد ورجع بصيرًا بعدما كان قد عمي، ورجعت قوته وسروره بعد الضعف والحزن، بل قد قيل: إنه عادت إليه سائر قواه، وليس ذلك بعجيب ولا منكر، فكثيرًا ما شفى السرور من الأمراض، وجدد قوى الأبدان والأرواح، والتجارب وقوانين الطب شاهد صدق على صحة ذلك، وقد أجاب يعقوب من لاموه بما كان عليه من علم قطعي من ربه بصدق ما يقول، كما قال سبحانه: {قَالَ} لهم يعقوب: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} يا بني حين أرسلتكم إلى مصر وأمرتكم بالتجسس، ونهيتكم عن اليأس من روح الله: - والاستفهام فيه تقريري - {إِنِّي


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.