للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وم {عناها واض} ح.

ومعنى الآية: أي لهم في {ها من الفواكه ما لذ وطاب، مما تقربه أعينهم وتسر به نفوسهم، كما هو شأن المترفين المنعمين في الدنيا. ولهم فوق ذلك كل ما يتمنون، وتشتاق} إليه نفوسهم.

٥٨ - ثم فسر ذلك الذي يدعون بقوله: {سَلامٌ} بدل من {ما يَدَّعُونَ} كأنه قيل: ولهم سلام وتحية. يقال لهم: {قَوْلًا} كائنًا {مِنْ} جهة {رَبٍّ رَحِيمٍ}؛ أي (١): يسلم عليهم من جهته تعالى، بواسطة الملك أو بدونها، مبالغة في تعظيمهم. فـ {قَوْلًا} مصدر مؤكد لفعل هو صفة لـ {سَلامٌ}، وما بعده من الجار متعلق بمضمر هو صفة له. والأوجه: أن ينتصب {قَوْلًا} على الاختصاص؛ أي: بتقدير أعني، فإن المقام مقام المدح، من حيث إن هذا القول صادر من رب رحيم، فكان جديرا بأن يعظم أمره.

والمعنى: أي ذلك الذي يتمنونه هو التسليم من الله عليهم تعظيمًا لهم. وهذا السلام يكون بوساطة الملائكة، كما قال سبحانه: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ}، أو بدونها، مبالغة في تعظيمهم وفي الحديث: «بينا أهل الجنة في نعيمهم، إذ سطع لهم نور، فرفعوا رؤوسهم، فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، فذلك قوله: {سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)}، فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم، ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم، فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم» رواه البغوي بسنده عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -.

والسلام أمان من كل مكروه، ونيل لكل محبوب. وذلك منتهى درجات النعيم الروحي والجسماني، الذي تصبو إليه النفوس في دنياها وآخرتها. فكأن هذا إجمال لما تقدم من اللذات، التي فصلت فيما سلف.

وفي «التأويلات النجمية»: يشير إلى أن سلامه - تبارك وتعالى - كان قولًا


(١) روح البيان.